الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الإمارات.. الفصل بين الإنسان والسياسة

دشنت الإمارات مرحلة جديدة من مراحل تطورها ونموها، وهي مرحلة استثنائية، كونها تأتي بعد فترة عصيبة مرّ بها العالم نتيجة تداعيات تفشي جائحة كورونا، وبذلك تؤكد الدولة قدرتها على التعافي السريع والممارسة الفعلية لنهج تحويل التحديات إلى فرص.

ورغم أهمية المشاريع الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها، إلا أن الأهم من ذلك هو الإعلان عن «وثيقة مبادئ الخمسين»، التي وضعت المحددات الرئيسية التي تحكم التوجهات السياسية والاقتصادية والتنموية للدولة، خلال هذه المرحلة والمراحل المقبلة، وهي بذلك تؤكد أهمية الضوابط التي تضمن عدم طغيان عنصر على آخر، بحيث يبقى جوهر القيم التي قامت عليها الدولة بمثابة القلب لأي تطور وازدهار منشود.

ما نريد الإشارة إليه هنا هو الحالة التي تريد الإمارات ترسيخها كنموذج يستحق التوقف عنده كثيراً، وهو نموذج يسعى إلى الفصل بين المصالح الاقتصادية والسياسية وبين الجوانب الأخلاقية والإنسانية، حيث نصت وثيقة المبادئ على أن مساعدات الإمارات الخارجية يجب ألا ترتهن للخلافات السياسية أو المحددات الدينية والعرقية، وأنه ليس هناك مبرر قد يحول دون إغاثة الشعوب في حالات الكوارث والطوارئ والأزمات.


النهج الإماراتي الذي نصت عليه الوثيقة هو تأكيد لممارسة حاصلة بالفعل، فالمساعدات الإماراتية وصلت إلى دول عديدة تختلف كلياً في توجهاتها ومواقفها السياسية عن التوجهات الإماراتية، والمتابع للوجهات التي ذهبت إليها المساعدات يجد بينها بعض الدول التي لا ترى فيها الإمارات شريكاً أو حليفاً يمكن العمل معه، إلا أن ذلك لم ينعكس على إغاثة شعوبها وقت الأزمات والكوارث.


باختصار، الإمارات تؤكد نهجاً واضحاً تبنته منذ سنوات طويلة، وهو نهج يفرق بين الموقف الإنساني والإغاثي وبين المواقف السياسية، فالاختلاف في الرؤى والتوجهات لم يكُن يوماً مبرراً لتجاهل المحن التي تمر بها شعوب عديدة من مختلف أرجاء العالم، وهذا التوجه هو التوجه الذي تدعو إليه الكثير من المنظمات والهيئات الدولية الإنسانية والإغاثية، ولعل الإمارات بنهجها هذا تؤسس لمرحلة جديدة يبقى الإنسان خلالها هو المحرك الفعلي للمساعدات بعيداً عن أي مواقف وأجندات سياسية.