الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أوبئتنا المستدامة!

لا يمكن أن ننكر أن معظم وسائل الرفاهية العصرية، استطاعت أن تفرض تأثيرها السلطوي على المجتمع، وتتحكم في توجيه ذائقته وسلوكياته العامة.

وأمام هذه السلطة، فإن أكبر ما تواجهه الحكومات اليوم هو جهودها في مكافحة الأمراض، كأمراض القلب والسكري وضغط الدم وارتفاع الكوليسترول وتصلب الشرايين والأوعية الدموية، ليس بسبب ضعف الميزانيات المرصودة للإنفاق أو لتطوير القطاع الصحي، ولكن بسبب تحديات الحياة العصرية وشيوع الأنماط الاستهلاكية بين الفئات المجتمعية كافة، التي استطاعت أن تحكم قبضتها على المجتمع وتُضعف إرادته أمام سطوة الإعلانات التجارية، وارتفاع الإقبال على سوق الأطعمة ما ضاعف من معدلات الإنفاق على الترفيه «البطني».

وبسبب تفوق ثقافة الاستهلاك وتقدمها على الثقافة الصحية العامة، أصبح لدينا أكثر من مليون مصاب بوباء السكري داخل الدولة، علماً بأن كل مصاب بداء السكري هو معرض لمضاعفات المرض بشكل أو بآخر، ما يضاعف من تكلفة فاتورة العلاج للفرد الواحد. وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير فإن الأمراض المزمنة غير المعدية كالسكري والضغط والكوليسترول والقلب تتسبب في كثير من إجمالي الوفيات في دولة الإمارات.

واستناداً لآخر دراسة محلية تفيد بارتفاع نسبة الجلطات القلبية بين فئات الشباب بشكل ملحوظ، بسبب ارتفاع الإصابات بالأمراض غير السارية بين البالغين والذي سينعكس سلباً على التركيبة السكانية ومعدلات متوسط الأعمار في الدولة.

داء السكري اليوم، يعد من الأوبئة الأكثر شيوعاً، لارتباطه الوثيق بالحالة الاقتصادية العصرية للمجتمعات، المتمثل بارتفاع الرفاهية في الأكل وتبدل النمط المعيشي وقلة الحركة مقابل ما يستهلكه من طعام.

داء السكري وغيره من أمراض العصر غير السارية، هي متلازمة عصرية يمكن مكافحتها، بل والقضاء عليها بالتوازي مع تغيير النمط المعيشي، عن طريق رفع مستويات الثقافة الصحية لدى الأفراد والتي تعد خط الدفاع الأول لحماية جسم الإنسان من الأمراض، كما يتطلب إجراءات حكومية فاعلة ونافذة تدعم المنتجات الغذائية الصحية كبديل مناسب للاستهلاك مقابل المنتج الاستهلاكي التجاري، وبأسعار تنافسية تشجع المستهلك على الإقبال عليها، كما يجب إلزام الشركات المصنعة للأغذية بتوضيح كل المواد الضارة التي تدخل في تصنيع المنتج ونسبتها وآثارها الجانبية على المغلف الخارجي، لربما ساعدت تلك الإجراءات في تنبيه الأفراد لما يأكلون، وتسهم في تغيير خياراتهم الاستهلاكية، وفي ارتفاع وعيهم وثقافتهم الصحية.