الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

سلاسل الإمداد.. الشكوك والوفاء بالالتزامات



هل تظن أن المعضلة الاقتصادية المقبلة هي ارتفاع أسعار النفط ؟ لا ليست كذلك، فالعالم سبق أن تعامل مع ما يفوق الأسعار الحالية بما يقارب الضعف وهو مستعد لذلك، بل التوجس المقبل والمعضلة المحيرة الآن هي النقص في سلاسل الإمداد، و التي ساهمت بشكل رئيسي في نسب التضخم الحالية!

تتردد كثيراً عبارة «ما قبل جائحة كورونا ليس كما بعدها»، وهي حقيقة انعكست سياسياً واقتصادياً، فاليوم تعيد كل دولة النظر في مورديها وتعدد خياراتها وتعيد حسابات صادراتها، والسلع الأساسية كشفت ضعف توافرها أثناء الجائحة من خلال صور الأرفف الفارغة في الكثير من الدول حتى الغنية منها، وعند العودة من الإغلاق ورغم عمل المصانع بطاقتها القصوى إلا أن هناك نقصاً في العرض مقابل الطلب الذي فوجئ الجميع بتضاعفه.


لم تعد لشبكات النقل القدرة على مجارات الطلب، وأصبحت تعاني من صعوبات في عمليات الشحن والتفريغ، ما أفرز العديد من الاختناقات في نقاط التبادل التجاري، وقد تسبب ذلك بخسائر فادحة إما لعدم توافر السلعة أو بسبب ارتفاع كلفة توريدها، لك أن تتخيل أن شركة Apple وحدها خسرت أكثر من 6 مليارات دولار من المبيعات بسبب عدم قدرتها على تلبية الطلب، وبمجرد تعثر الإمدادات لسلعة غير ضرورية كالقهوة مثلاً ارتبكت صناعة بمليارات الدولارات حول العالم !

بمجرد ظهور حالة أوميكرون واحدة في مصنع ما في أي لحظة، سيتم إغلاقه أو سيتعطل إنتاجه

تواجه سلاسل الإمداد الآن شكوكاً على صعيد الثقة و الوفاء بالالتزامات، وما عزز ذلك هو ظهور متحور أوميكرون، فبمجرد ظهور حالة إصابة واحدة مؤكدة في مصنع ما في أي لحظة سيتم إغلاقه أو سيتعطل إنتاجه، وبمجرد مرور عاصفة أو طقس سيئ قد تتعثر رحلة أو تتأخر دون سابق إنذار، وبالتأكيد أزمة كهذه لا بد أن يكون لها نصيب من طمع الساسة، فلا عجب أن تستغل سلاسل الإمداد في المواجهة الصينية - الأمريكية أو الروسية - الأوروبية، هذا النزاع الجديد بين الشرق والغرب قد ينتج عنه فرض عقوبات أو زيادة رسوم أو منع منتجات، لتكون ضربة جديدة لتوافر مواد أو سلع بعينها تزيد من النزاعات القانونية التي تغرق بها الشركات الآن.


إن التحدي الآن يمكن تلخيصه بكيفية إيجاد صيغة حل موازية للطلب ومتوازنة للمستقبل تكبح جماح التضخم، وتعزز سلاسل الإمداد دون الوقوع في فخ الإغراق الفجائي، فكما خُفّض الإنتاج أثناء الجائحة وجدنا أنفسنا في فخ نقص لا نريده أن يرتفع إلى الحد الذي يوقعنا في فخ الفائض، هذه هي المعضلة الاقتصادية المقبلة.