الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الادخار.. التخطيط والتنفيذ

تحتاج مزاولة كل الرياضات المختلفة إلى انتظام في التمارين بشكل شبه يومي، ويحتاج الأمر كذلك إلى الضغط على النفس للوصول إلى نتائج مقبولة وتحسين هذه النتائج باستمرار.

أعشق وأزاول رياضة الجري منذ سنوات، بالنسبة لي هذه أفضل رياضة في الكون، لأنها تعطي شعوراً فعلياً من الصعب وصفه، هو أنك تحس بأنك أديت ما يجب عليك بالحفاظ على نعمة الصحة التي أنعم الله علي بها، وكذلك تشعر بأنك تخلصت من كثير من الهموم والأفكار السلبية!

معظم الأمور المرتبطة بتحقيق أهدافك المادية تحتاج إلى التزام وصبر وفترة كافية للوصول إلى النتائج المرجوة تماماً كرياضة الجري، ومن أكثر التعليقات المتكررة من شريحة كبيرة من المتابعين في وسائل التواصل المختلفة هي استحالة الادخار في ظل التضخم المستمر.

قبل أن تفكر وتبدأ بالادخار أو التخطيط الشخصي بشكل عام راجع أفكارك ومعتقداتك عن المال أو بعبارة أخرى راقب أفكارك، فالأفكار تؤدي إلى المشاعر والمشاعر تؤدي إلى الأفعال والأفعال تؤدي إلى النتائج.

الادخار ليس بخلاً، هو أمر تقضيه طبيعة الحياة البشرية، وفيه أمر إلهي

عندما يضطر عقلك الباطن إلى أن يختار بين المشاعر المتأصلة والمنطق فإنّ كفة المشاعر هي الأرجح، وبناء على ذلك حاول أن تغير المعتقدات التي تدور في عقلك الباطن حتى يقع اختياره على المنطق الذي سيقودك إلى النجاح بدلًا من المشاعر التي قد تحول بينك وبين تحقيق أهدافك المادية.

إن الادخار يدعم البنية الاقتصادية الأساسية للمجتمع ويدعم اقتصاد الفرد والأسرة، وقد يبعد بعض شرائح المجتمع عن اللهو والترف أو الإسراف، كما قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]

وفي الصحيحين من حديث عمر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلمَ: «كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ». رواه البخاري ومسلم

الادخار ليس بخلاً، هو أمر تقضيه طبيعة الحياة البشرية، وفيه أمر إلهي، أرشد به الله عز وجل نبيه الصديق يوسف عليه السلام عندما وضع الخطة (الخمس عشرية)، والتي بين من خلالها تشريع الادخار وأهميته في الحفاظ على حياة الناس في سنوات القحط والجدب.

من الممكن القول إن الادخار هو حفظ المال بعائد منخفض لأهداف محددة قصيرة الأجل، لذلك ابدأ من اليوم، فالادخار يساعدك على تغطية النفقات الأساسيّة في حال فقدان الوظيفة أو مصدر الدخل أو مواجهة تكاليف أي ظروف طارئة، المتعة من خلال العطلات والإجازات، تأمين المستقبل والشعور براحة عند التقاعد، تسهيل تملك الأصول المكلفة بما فيها المنزل، واقتناص الفرص الاستثمارية المناسبة.

ومن الطرق التي قد تساعدك على الادخار هي:

  • راقب وسجل نفقاتك الشهرية لفترة 3 أشهر كاملة.
  • حدد هدفاً واضحاً للمبلغ الذي تريد ادخاره. الأفضل أن يكون قابلاً للقياس، ممكناً، واقعياً ومحدداً بفترة زمنية.
  • قسم الرَّاتب الشهريّ ما بين النَّفقات والادّخار والاستثمار.
  • اجعل اقتطاع مبلغ الادخار عملية أوتوماتيكية.
  • قبل أن تتَّخذ قرار شراء احتياجاتك من محل مُعين، قم بإعداد قائمة بالأشياء التي تنوي شراءها لمُقارنة أسعارها بأسعار متاجر أخرى ثم اتخاذ قرار الشراء من المتجر أو المحل الذي يعرض المنتجات بسعر أقل وبالجودة المطلوبة.
  • خصص حساباً للحالات الطارئة جداً.
  • أعد وجباتك اليوميّة في المنزل وتجنّب نفقات المطاعم المُرتفعة.
ختاماً، إذا لم تتمكن من ادخار المبلغ الذي تريده، راجع ميزانيتك وأهدافك وإنفاقك، ولا تستسلم أبداً وتابع المحاولة.