الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الاقتصاد الأوروبي.. الاتحاد أو التناثر

مرّ الاتحاد الأوروبي في السنتين الماضيتين، بفترة من أصعب فترات وجوده منذ تأسيسه. فقبل انتشار جائحة كورونا، كان الاتحاد يرزح تحت مشاكل متعددة، لعل من أهمها مفاوضات خروج بريطانيا، المعروفة بـ«بريكسيت»، إضافة إلى التوترات مع الصين وبعض الخلافات الداخلية الأخرى.

ومع انتشار الجائحة كانت بعض الدول الأوروبية من أكثر المناطق تأثراً حول العالم، فكلنا نذكر ما جرى في إيطاليا وإسبانيا على سبيل المثال، والكلام وقتها عن عدم عدالة توزيع المعدات والمستلزمات الطبية بين دول الاتحاد. تبع ذلك تأخر توزيع اللقاح وتباين ذلك من دولة لأخرى، وقد كانت إجراءات الإغلاق في أوروبا من الأطول والأقسى في العالم.

وكما حصل في كل مكان، تمكن الاقتصاد الأوروبي من النمو بنسة 5.1% في 2021 بعد أن انكمش بنسبة 5.88% في 2020.


من جهة، كانت التوقعات تشير إلى نمو جديد في 2022 يقارب 4.3% مع استمرار الاقتصاد بالتعافي، إلى حين ظهور متحور أوميكرون وانتشاره السريع، حيث إن نسبة الإصابات في معظم دول الاتحاد الأوروبي هي من الأعلى في العالم، ولذلك تحاول تلك الدول فرض إجراءات إغلاق جديدة، للسيطرة على انتشار الفيروس وحماية القطاع الصحي، لكنها تواجه بمظاهرات شديدة تصل أحياناً لحد الشغب والعنف كما حصل في هولندا.

الاتحاد الأوروبي بحاجة لأن يخرج سليماً معافى بسرعة من كل التأثيرات لأن إطالة الأزمة تنذر ببداية تفككه

إذا أضفنا إلى ذلك مشاكل التضخم وسلاسل الإمداد التي تؤثر بشكل كبير على الدول الأوروبية الصناعية، وعلى رأسها ألمانيا، فإن نسب النمو للعام الجاري قد لا تكون قابلة للتحقيق مع عدم وضوح الرؤية حول المدى الزمني لانتشار المتحور الأخير.


من جهة أخرى، تشهد أوروبا عدة انتخابات مهمة في 2022، على رأسها الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وعدا أن المعنيين عادة ما ينشغلون بالانتخابات على حساب الأمور الأخرى في عام الانتخابات، فإن النتائج في دولة مثل فرنسا قد تؤثر على أسلوب قيادة الاتحاد في السنوات المقبلة.

ولا ننسى أن القائدة الفعلية في العقدين الأخيرين، أنجيلا ميركل، غابت عن الساحة مؤخراً بعد تقاعدها، وكل ذلك من شأنه أن يشتت الجهود ويعيق تنفيذ خطط التعافي التي تواجه أصلاً تحديات كثيرة.

في رأيي، إن الاتحاد الأوروبي بحاجة لأن يخرج سليماً معافى بشكل سريع من كل التأثيرات السابقة، لأن الأزمة إذا طالت قد تنذر ببداية تفككه، وأوروبا لديها من الاختلافات الثقافية والحضارية ما أمكن إدارته بشكل مقبول حتى الآن، لكن حصول فروقات اقتصادية جوهرية، قد ينثر دوله في كل الزوايا