الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الاستقالات الكبرى والعمل عن بعد

تشهد الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام الماضي، معدلات مرتفعة لعدد الذين يتركون وظائفهم، حيث وصل الرقم إلى مستوى قياسي (4.5 مليون شخص استقالوا من أعمالهم شهر نوفمبر)، وقد بدأت هذه الظاهرة في التزايد مع عودة الاقتصاد للعمل، وارتفاع مستويات النمو بعد الجائحة، وكعادة الأمريكيين في تسمية الظواهر أطلقوا على الوضع المستجد اسم The Great Resignation (ظاهرة الاستقالات الكبرى).

من أهم العوامل التي لاحظها المراقبون كان التأثير النفسي للجائحة على الناس وطريقة نظرهم، لما يقومون به من أعمال، فمع الضغوطات النفسية التي واجهت العالم خلال الجائحة وعدم اليقين حول المستقبل، قرّر كثير من الموظفين إعادة النظر في اختياراتهم والانتقال إلى أوضاع أقل ضغطاً.

العامل الآخر يتعلق ببعض القطاعات التي كانت الأشد تضرراً من الجائحة، كقطاعات الضيافة والسياحة والسفر والطيران، وهي التي شهدت أكبر عمليات الاستغناء عن الموظفين بسبب أوضاعها المالية.


يعتقد المراقبون أن كثيراً من الموظفين يخشون الاستمرار في هذه القطاعات، لعدم المخاطرة بفقدان الوظيفة عند أي هزة جديدة، كما يلاحظون أن التوظيف في نفس القطاعات بعد الجائحة لا يجد نفس الإقبال السابق.

محركات سوق العمل حالياً تميل لمصلحة الموظفين بسبب النمو الاقتصادي المرتفع

يضاف إلى ما سبق، العامل الطبيعي والمتوقع في ظل فترات النمو الاقتصادي، حيث ترتفع الأجور وتزيد المغريات من قبل الشركات لاستقطاب الموظفين، وهذا مستمر حالياً، إذ رغم انخفاض نسبة البطالة تبقى أعداد كبيرة من الوظائف شاغرة.


العامل الأخير والذي من الممكن أن يحدث تغييراً في سوق العمل مع مرور الوقت هو إمكانية العمل عن بعد الذي كان إلزامياً في بداية الجائحة، ومع الوقت بدأ يتحول إلى وسيلة إغراء من الشركات وأسلوب تفاوض من الموظفين.

يقدر المحللون أن العمل عن بعد بنفس الراتب يعادل زيادة في القيمة بالنسبة للموظف تراوح بين 10 و15%، أي أن الموظف مستعد للانتقال إلى وظيفة أخرى بنفس الراتب أو حتى أقل إذا أمكنه العمل من المنزل، وهذا يفسر ما نسمعه عن إعلان عدد من الشركات الكبرى السماح بالعمل عن بعد بشكل دائم، إضافة إلى توفير ساعات دوام مرنة، وكل ذلك للحفاظ على الموظفين.

أعتقد أننا سنشهد زيادة في تطبيق العمل عن بعد حول العالم في الكثير من الوظائف والقطاعات، لأن الشركات ستوفر التكاليف بالإضافة إلى الحفاظ على الموظفين.

محركات سوق العمل حالياً تميل لمصلحة الموظفين بسبب النمو المرتفع في الاقتصاد، وعلينا أن ننتظر ماذا سيحدث للرواتب عندما تميل الكفة لمصلحة الشركات مرة أخرى.