الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الحياد الكربوني.. المعركة والأمل



قبل أيام قليلة حلت الذكرى السادسة لاتفاق باريس للمناخ، والذي أبرم في الـ12 ديسمبر 2015، ويعد هذا الاتفاق الواعد هو الأول عالمياً في إلزامه للدول الموقعة لاتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التغير المناخي.
ينص الاتفاق على اتباع كافة السبل المتاحة لمواجهة الاحتباس الحراري وبلوغ الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية، واتخاذ التدابير السريعة والفاعلة للتقليل من الانبعاثات الغازية، والعمل على امتصاصها للوصول إلى نقطة الحياد الكربوني منتصف القرن الحالي، وقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي تعهدت على تحقيق هذا المستهدف بحلول عام 2050، ولكن ما هو تعريف الحياد الكربوني؟

إنها عملية حساب الانبعاثات الكربونية الناتجة عن المصانع والأبنية ومحطات توليد الكهرباء، والقيام بمشاريع تعويضية تعمل على احتوائها والوصول للمحصلة الصفرية، فغازات الاحتباس الحراري كغاز ثاني أكسيد الكربون تتشتت وتنتشر في الغلاف الجوي بصورة متماثلة، ما يعني أن تركيزها متساوٍ تقريباً في جميع أنحاء العالم، ولذلك تتيح هذه الخاصية لدولة ما التعويض عن انبعاثاها الكربونية بالقيام بمشاريع في بلد آخر لتحييد تلك الانبعاثات، فعلى سبيل المثال يمكن لدول الاتحاد الأوروبي أو الصين القيام بمشاريع للمحافظة على الغابات المطيرة في الأمازون باعتبارها مستهلكة للكربون، كما بإمكان أية دولة لا تساعد بيئتها بعمل مشاريع تعويضية كالتشجير ومحطات الطاقة المتجددة القيام بها في بلد آخر، كما يمكن العمل على الحد من الانبعاثات الكربونية من الأساس بالتحول إلى الأبنية الخضراء ومشاريع الطاقة النظيفة.

يجب دمج هدف الحياد الكربوني في جميع عمليات صنع القرار الاقتصادي والمالي

التكنولوجيا تعمل لصالحنا، وكلفة مشروع لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية أصبحت أقل من كلفة تشغيل محطات التوليد العاملة بالوقود الأحفوري، ومع ذلك يبقى أمام العالم الكثير لينجزه في هذا المجال.


ومع كل ما أحدثته جائحة كوفيد من تقليل للانبعاثات وتباطؤ الاقتصاد العالمي وتقليص حركة الطيران، إلا أن مستويات الكربون لا تزال عالية بشكل قياسي، وما زالت حرائق الغابات والجفاف والتصحر والعواصف المدمرة قد تجاوزت أرقامها الطبيعية، ونظام التنوع البيولوجي يعاني إلى درجة الانهيار ومياه المحيطات تزداد سخونة.


لتعزيز فرص النجاح نحن بحاجة إلى مواءمة التمويل العالمي مع اتفاق باريس وأهداف التنمية المستدامة، ووضع كلفة للكربون وجعل الإفصاح عن المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ إلزامياً، ودمج هدف الحياد الكربوني في جميع عمليات صنع القرار الاقتصادي والمالي، فهذه معركة لا نملك أن نفشل فيها لضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.