الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

البيتكوين - الدولار.. والنظام المالي العالمي



تمر البيتكوين مؤخراً، ومعها معظم العملات المشفرة الأخرى، بفترة صعبة، حيث خسرت من قيمتها، أكثر من 50% منذ نوفمبر، أما القيمة السوقية للعملات المشفرة ككل فتقدر خسائرها بما يقارب 1 تريليون دولار.

لا يوجد حتى الآن تفسير واضح لحركة سعر البيتكوين، سواء عند الارتفاعات الكبيرة أو عند الانخفاضات الحادة، رغم أننا نسمع ونقرأ تحليلات مختلفة، قد تبدو منطقية إلى أن تتكرر أحداث مشابهة مع حركة سعرية معاكسة، فتزيد الحيرة عند المتحمسين للاستثمار في البيتكوين.


معظم التفسيرات المتداولة مؤخراً، تتحدث عن ربط التراجع في العملات المشفرة بتراجع أسواق الأسهم، خصوصاً بأسهم شركات التقنية الكبرى بسبب توقعات المستثمرين بقرب قيام الفيدرالي برفع سعر الفائدة، وبالتالي خروج المستثمرين من الأصول ذات المخاطر المرتفعة نحو الأصول الأقل مخاطرة مثل السندات.


مشكلة هذا النوع من التحليل أنه يستخدم مبادئ تقليدية لتفسير حركة أصل غير تقليدي، إضافة إلى أنه يتعارض مع الحجج المستخدمة من محبي البيتكوين بكونها بديلاً قادماً للعملات العادية، على رأسها الدولار، ولقد وصل وصف البعض للبيتكوين بأنها الملاذ الآمن الجديد هذا من جهة.

المتحمسون للبيتكوين لجؤوا لاستخدام رفع فائدة الدولار لتبرير انخفاض «العملة» التي من المفترض أن تكون بديلاً له

ومن جهة أخرى، لا يمكن على الإطلاق تشبيه الانخفاض في أسواق الأسهم، بتراجع العملات المشفرة، فالبيتكوين ممكن أن ينخفض سعرها في يوم واحد أكثر من 10%، بينما لو حصل ذلك في الأسهم لكانت كارثة.

لا شك أن الإقبال على البيتكوين يتزايد، لكنه برأيي هو إقبال مضاربي، بمعنى أن معظم من يدخل إلى سوق العملات المشفرة حالياً تجذبه إمكانية ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في وقت قصير وتحقيق أرباح كبيرة، ولا يبدو حتى الآن أنهم يدخلون للسوق إيماناً منهم بأن البيتكوين ستكون البديل النقدي في المستقبل.

لا تزال وحدة القياس المالي في العالم هي الدولار الأمريكي، وستبقى كذلك حتى إشعار آخر قد لا يأتي أبداً، وكل الأصول الجديد منها والقديم، بما فيها البيتكوين، يتم تقييم سعرها بالدولار، ليس ذلك فحسب، بل إن المتحمسين للبيتكوين لجؤوا لاستخدام ما يقوم به الفيدرالي من رفع للفائدة لتبرير انخفاض «العملة» التي من المفترض أن تكون بديلاً له.

وسائل استخدام البيتكوين في ازدياد وعدد التجار الذين يقبلون الدفع بها أيضاً في ارتفاع، وهذا أمر جيد كونها وسيلة دفع سهلة تستخدم تقنية متطورة جداً. أما تحول البيتكوين لبديل للعملات التقليدية فهو بحاجة إلى تغيير كامل في هيكل النظام المالي العالمي الحالي، والذي لو حدث -لا سمح الله- فستكون نوعية العملة المستخدمة فيه أقل الأمور أهمية أمام الكوارث الأخرى.