السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الشركات العائلية.. ثبات أم شتات؟

«العائلة» هي واحدة من أكثر المفردات المثيرة للمَشاهد الذهنية المتباينة، فالكلمة تستحضر صور الود والقوة والدعم والتعاضد، لكنها أيضاً لا تخلو من انطباعات الصراع والتوتر والنزاع والدراما.

إبراز الجانب الإيجابي من معادلة «العائلة» يتطلب جهداً مضاعفاً، الأمر الذي قد يشكل تحدياً لأي عائلة، خصوصاً إن كان أفرادها مشتركين في ملكية أو إدارة عمل ما.

كشفت دراسة لمجلة بيزنس ويك أن متوسط العمر الافتراضي للشركات العائلية الأمريكية هو 24 عاماً، وأن حوالي 40% منها انتقلت من الجيل المؤسس إلى الجيل الثاني بسلاسة، وأن حوالي 13% منها وصلت إلى الجيل الثالث، بينما 3% منها فقط عبرت بسلام إلى أيدي الجيل الرابع أو أكثر.

محليا وبحسب وزارة الاقتصاد الإماراتية، تمثل الشركات العائلية 90% من إجمالي عدد الشركات الخاصة في دولة الإمارات، وتسهم بحصة تبلغ 40% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ومن هنا تأتي أهميتها ودورها المحوري في بناء الدولة، إذ لا توجد دولة ناجحة من دون اقتصاد، ولا اقتصاد متين من دون قطاع خاص، ولا قطاع خاص قوي من دون شركات عائلية.

من أراد أن يحدث أمراً فالأجدر به أن يفعله في حياته إذ لا وصاية له عليه بعد رحيله لمُلْك الغير

إدراكاً من الحكومات لتلك الأهمية، ولاطلاعها الواسع على النزاعات العائلية التي عجت بها أروقة المحاكم، والأخرى التي تم تشكيل لجان قضائية للفصل فيها، سَنَّت دبي قانوناً محلياً في 2020 بشأن تنظيم الملكية العائلية، وأصدرت أبوظبي الأسبوع الماضي قانوناً محلياً بشأن حوكمة الشركات العائلية، وهناك ترقب لتشريع اتحادي أكثر شمولية في الموضوع نفسه.

ربما الشركات العائلية لدينا - كما هو في دول الخليج - ما زالت ناشئة، وجميع نزاعاتها نتجت في مرحلة انتقال ملكيتها من الجيل المؤسس للجيل الثاني، حيث دَبَّ الخلاف ما بين الورثة على من يدير، وكيف يدير!

ببساطة الجيل المؤسس لم تدفعه أسس متينة لحوكمة تلك الأعمال، التي كانت متواضعة المنشأ، لكنها غدت صروحاً اقتصادية، بعضها عبر حدود الدول والقارات.

إلا أنه الآن، ومع تواجد أجيال مُؤَسِّسَة أرفع تعليماً وأوسع اطلاعاً، وولادة تشريعات مكملة تستحسن إلزاميتها على الشركات العائلية، وأفضلية استحداث محاكم متخصصة للنظر في النزاعات الناشئة عنها، لن يكون هناك عذر لأي شركة عائلية في عدم وجود نظام داخلي يعزز فرص ديمومتها، وقد يكون الطرح العام والإدراج خير ضامن لعدم نسف الورثة لما بناه أسلافهم.

علمنا التاريخ أن من أراد أن يحدث أمراً، فالأجدر به أن يفعله في حياته، إذ لا وصاية له على ما سينتقل بعد رحيله لمُلْك الغير.