تُعرف بالرقائق الدقيقة أو أشباه الموصلات أو المعالجات، أو الدوائر المتكاملة، مهما كان اسمها فهي مكونات مهمة في كل ما يتعلق بالتكنولوجيا اليوم، فمن الحواسيب إلى الموبايلات، إلى الغسالات، إلى الأجهزة الطبية والسيارات، هي قطعة متناهية الصغر من السيلكون، من بضع مليمترات مربعة ومقاربة قد تكون بحجم ظفر الإصبع.
لقد مر أكثر من 20 شهراً ولا يزال هناك نقص عالمي في هذه الرقائق. كثير من الصناعات تعاني. رئيس الولايات المتحدة ضغط على الكونغرس ليستصدر تشريعاً يعزز البحث والتطوير والاستثمار لمعالجة هذا النقص. فقال جو بايدن: «دعونا نفعل ذلك من أجل تنافسيتنا الاقتصادية، من أجل أمننا القومي وحتى يكون لأمريكا نصيبها من الاقتصاد العالمي».
يقع اللوم في معظمه على الوباء وما سببه من زيادة في الطلب من المستهلكين في فترة الإغلاقات، صحيح إلا أنه فقط أحد الأسباب.
التحول الرقمي الذي يقود مستقبل التكنولوجيا الحديثة يقوم على هذه الرقائق. مثال ذلك صناعة السيارات، ارتفاع الطلب على أشباه الموصلات في هذه الصناعة، مدفوعٌ باعتماد تقنيات أنظمة مساعدة السائق والقيادة الذاتية والسيارات الكهربائية. الجائحة عرّت مشكلة النقص فقط وأظهرتها للسطح.
هنا، وصلنا إلى الإجابة عن سؤال عنوان المقال: لماذا النقص مستمر؟
الغالبية العظمى من تصنيع هذه الرقائق تتم بواسطة شركتين في شرق آسيا TSMS التايوانية وسامسونغ الكورية الجنوبية. بينهما يتم تصنيع 70% من أشباه الموصلات في العالم.
لكن لماذا لا يدخل منتجون جدد طالما هناك طلب كبير؟
هناك عوائق لدخول هذا السوق، منها أنه يتطلب استثماراً لا يقل عن 12 مليار دولار أمريكي، وهناك منحنى تعلم حاد لاكتساب المعرفة في التصنيع حيث يندر المؤهلون في هذا المجال، كما أن بناء مصنع من هذه يحتاج إلى 3 سنوات على الأقل وسيحتاج إلى سنوات أطول لإعادة الاستثمار، والتطور في هذه الرقائق سريع يسابق دورة التصميم والإنتاج.
هذه المصانع أيضاً تحتاج إلى كميات هائلة من المياه النقية وبيئة داخلية أشبه بغرف العمليات الجراحية.. وما زاد الطين بلة:
- جفاف أمطار في تايوان لم يبق في البحيرة التي تعتمد TSMS عليها إلا 7% من المياه.
- حريق أجبر صانع الرقائق الياباني رينيساس على الخروج من السوق.
- العملات المشفرة تستهلك الكثير من هذه الرقائق.
- السيارات والأدوات أصبحت أكثر تعقيداً.
- الناس أضحت تعمل من البيوت وتحتاج إلى أجهزة أكثر ثم:
- جاءت القشة التي قصفت ظهر البعير.. الوباء!