الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

جنون الأسواق.. والفواتير الباهظة

منذ الوهلة الأولى لاندلاع الحرب الروسية، وأسواق السلع الأساسية تعاني اضطراباً شديداً، فقد زادت الحملة العسكرية من تعقيدات أزمة سلاسل الإمدادات، ليصبح المستهلك هو الضحية أو الحلقة الأضعف، باعتباره الممول الأكبر للفاتورة الباهظة، إذ تضيف القفزات السعرية ضغوطاً تضخمية على الاقتصادات التي لا تزال تحبو صوب التعافي من آثار الجائحة، وإذا واصلت الأسعار ارتفاعاتها الجنونية فقد نرى التضخم القياسي أطول عمراً.

برأيي، فإنه يتعين مراقبة أربعة أسواق رئيسية لمعرفة اتجاه الأسعار، أولها سوق النفط والغاز، وستكون باكورة التحديات عندما تعقد مجموعة «أوبك+» اجتماعها الأربعاء المقبل؛ حيث من المرجح الإبقاء على سياسة الإنتاج الحالية، رغم إغراءات المائة دولار، أما أسعار الغاز التي أصبحت أكثر هياجاً منذ الغزو، فيمكن للزخم القوي أن يطلقها إلى مستوى 5.40 دولار، وهذا أعلى بقليل من ذروة نوفمبر الماضي التي كانت عند 5.88 دولار عندما بدأ التهديد الروسي، لكن مصدر الخطورة سيظهر حينما يتنافس الأوروبيون بشراسة على شراء شحنات الغاز الأمريكي لتعويض عجز الإمدادات الروسية، وهذا الأمر كفيل بدفع الأسعار إلى 8 دولارات.

نتوقع أن تواصل أسعار القمح وزيوت الطعام والذرة وفول الصويا والأسمدة قفزاتها القياسية ملحقة الأذى بالمستوردين

أما الذهب، ثاني الأسواق التي يتعين مراقبتها، فقد احتفل بالحرب على طريقته الخاصة، فوصل سعره في الساعات الأولى للغزو إلى 1965 دولاراً للأوقية، وهكذا، كان الخميس الفارط يوماً سعيداً على أصول الملاذات الآمنة، فقد اندفع المستثمرون لشراء السبائك بهدف التحوط ضد المخاطر، ولكن، بمجرد هدوء غبار المعارك ستتراجع الأسعار، وسيعود المستثمرون للتركيز مجدداً على أسعار الفائدة، في المقابل، تبدو الأمور مختلفة في السوق الثالثة، وهي المعادن، حيث تميل الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى السماح بوصول الإمدادات الروسية من الألمنيوم والنيكل والبلاديوم، باعتباره أحد الدروس المستفادة من عام 2018، عندما أدت القيود على أكبر منتج للألمنيوم في روسيا إلى إشعال فوضى في السوق طيلة أشهر.

يقيناً، فإن السوق الرابعة التي يجب متابعتها بشدة، وهي الأغذية، تعد الأهم للمستهلكين، ونعتقد أن التضخم مرشح لمواصلة قفزاته عندما تكشف منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» عن تقريرها الشهري يوم الخميس المقبل، إذ من المرجح أن يستمر كفاح المستهلكين مع ارتفاع كلفة الغذاء بفعل الجفاف ونقص العمالة وانخفاض الإنتاجية، في حين يتزايد الطلب في السوق، ترفض اجتياح بلد توصف بأنها سلة الخبز لأوروبا، وهكذا، نتوقع أن تواصل أسعار القمح وزيوت الطعام والذرة وفول الصويا والأسمدة قفزاتها القياسية ملحقة الأذى بالمستوردين، فيما تغلق الموانئ والسكك الحديد، ويبقي التجار يكافحون دون دعم لوجيستي لتأمين سفن الشحن.