الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أسواق تضحك.. وأخرى باكية

من الطبيعي أن تثير الملاذات الآمنة فضولاً لدى المستثمرين الراغبين في الهروب من جحيم الأسواق الباكية، بعدما عاينوا بأنفسهم الكساد الذي ضرب معظم القطاعات الاقتصادية جراء تفشي الوباء، وهنا، تكمن الميزة الكبرى لهذه الملاذات، وهي قدرتها الفائقة على التكيف بوجه المخاطر، والاستمرار في حصد الأرباح في أزمنة المآسي والحروب، وهذا ما شهدناه في أسواق الملاذات الآمنة أو «الأسواق الضاحكة»، والتي تضم بشكل رئيسي، الذهب، والدولار الأمريكي، والين الياباني، والفرنك السويسري، والسندات الأمريكية، والسندات الألمانية، لكن السؤال المتطاير منذ اندلاع فتيل الحرب الروسية هو: إلى أي مدى توفر هذه الأصول الحماية المطلوبة للمستثمرين أثناء تفشي حالة عدم اليقين؟

الواقع، أنه عندما تتصاعد الأزمات، فإن المستثمرين يتبعون قواعد اللعبة المألوفة بحذافيرها وبشكل كلاسيكي، ولكن، مع اكتمال الصورة فإن الأسواق تبدأ في تصحيح نفسها بشكل تدريجي، وفي كل الأحوال، يمكن أن نقول إن التوترات على الأرض تبقى المحرك الرئيسي للأسعار، رغم أن بعض الأسواق تتعامل أحياناً مع الأخبار بشكل روتيني، بسبب استمرار الأوضاع على نفس الوتيرة، إذ ترى أن هذه التوترات عاجزة عن حمل الأسعار صوب ارتفاعات جديدة، إلا أنها تبقى داعماً رئيسياً لحماية الأسعار من الهبوط، ونعتقد أن تقلبات الأسواق الراهنة تفرض على المستثمرين إدارة رأس المال بطريقة صارمة جداً.

الذهب، وهو سيد الملاذات الآمنة عبر التاريخ بلا منازع، رفض كالنبلاء، حضور احتفالية الحرب الروسية وحيداً

شارك الذهب زملاءه من أصول الملاذات الآمنة تلك القفزات السعرية، وعلى ما يبدو، فإننا بصدد ارتفاعات قياسية جديدة للمعدن النفيس طالما استمر القتال الضاري في بلد يوصف بأنه سلة الخبز لأوروبا، وسيمهد بقاء الأزمة الطريق أمام الذهب للوصول إلى ذات المستوى الذي سجله في أغسطس 2020 عندما بلغ 2063 دولاراً، خاصة إذا استمرت الضغوط التضخمية في الأسواق.

ينبغي الالتفات إلى أن الإفراط في فتح مراكز بالأصول الآمنة سيؤدي إلى تراجعات سعرية حادة بمجرد حدوث تغيرات في معنويات المستثمرين، وإذا كنا نعيش في ذروة الخوف وقمة التصعيد الجيوسياسي، فإنه من المرجح أن تؤدي إعادة التمركز بعيدًا عن هذه الأصول إلى هبوط أسعار المعادن الثمينة عقب انتهاء غبار الحرب، وعندما نقارن وضع مستثمري أصول الملاذات الآمنة عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 بما نحن عليه الآن، فسنرى أننا تجاوزنا ذروة الخوف وعدم اليقين الاقتصادي، إذ يكفي أن نشير إلى أن البعض يتحدث عن حرب عالمية ثالثة.