الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الطاقة في أوروبا.. ردود الفعل والواقعية

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية زج أوروبا في مواجهة شاملة مع روسيا، فلم تكتف بالعقوبات التي صدرت من دول أوربية مختلفة وعلى صعيد مفوضية الاتحاد الأوربي، والتي تتسم بعضها بـ«التفاهة»، كقرار سويسرا معاقبة روسيا من خلال منع تصدير الساعات الفاخرة. أمريكا تسعى إلى إقحام أوروبا في مواجهة مع روسيا في مجال الطاقة، وكل الحقائق تشير إلى أن أوروبا ستكون الخاسر الأكبر إذ تبنت أو تسرعت في تبني الرغبة الأمريكية.

صادرات روسيا إلى الاتحاد الأوربي خلال عام 2021 من الغاز الطبيعي بلغت 155 مليار متر مكعب، وتمثل 45% من سوق الغاز المستورد، و40% من الغاز المستهلك في نفس السنة.

روسيا لديها ميزتان رئيسيتان، أولاً قدرة إنتاج كبيرة. أنتجت 762 مليار متر مكعب من الغاز وتم تصدير 210 مليارات متر مكعب منها عبر الأنابيب وهي ثاني أكبر منتج للغاز في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها إضافة إلى ذلك أكبر مصدر للغاز ولديها أكبر احتياطي غاز في العالم. والسبب الثاني أن أنابيب الغاز الروسية ممتدة إلى أوروبا، ما جعل الغاز الروسي هو البديل الأرخص قياساً بالغاز الأمريكي الذي يجب أن يتم شحنه عبر بواخر شحن متخصصة.

روسيا لم تستعمل الغاز كسلاح ضد أوروبا وتريد أن تظهر بمظهر مزود الطاقة العالمي

المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل سبق وأن رفضت الضغوط من الرئيس السابق دونالد ترامب بسبب مخاوف من استكمال أنبوب الغاز نورد -ستريم 2، والذي تبلغ طاقة نقله للغاز 55 مليار متر مكعب، وبذلك تكون طاقة الأنبوبين نورد-ستريم 1 و2 110 مليار متر مكعب سنوياً.. انتهى العمل في أنبوب نورد ستريم 2 في سبتمبر 2021، وتزامن هذا التاريخ مع تصعيد اللهجة الاستفزازية الأوكرانية ضد روسيا!

قطر ليس لديها إمكانية تصدير غاز مسال بكميات كبيرة إلى أوروبا، والجزائر رفضت زيادة الإنتاج، وأمريكا قد تتمكن من سد بعض النقص الذي قد يطرأ على إمدادات الغاز الروسي بسبب تقليص الاستيراد الأوروبي، ولكن سيكون لمثل هذا القرار تأثير تضخمي على الاقتصاد الأوروبي، وبالتالي على القوة الشرائية للمواطن الأوروبي.

منظمة الطاقة العالمية جندت إمكاناتها وتوصلت الى 10 نقاط تمثل توصيات بعضها بديهيات وبعضها تناقضات مع توجهات سابقة، مثل العودة إنتاج الطاقة من المفاعلات النووية وأخرى تعول على «ترشيد الاستهلاك».

روسيا لم تستعمل الغاز كسلاح ضد أوروبا وتريد أن تظهر بمظهر مزود الطاقة العالمي الذي يعول عليه، لكن قرار سداد فاتورة الغاز بالروبل الروسي رد قوي جداً سيؤدي الى دعم قيمة الروبل ويبدو أن للسجال بقية!