الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

غرائب الأسواق.. وبركات التضخم

أطلق عصر التضخم ظاهرة جديدة أتقنتها بعض الشركات الكبرى، وهي تقليل عبوات المنتجات أو الكميات مقابل الإبقاء على الأسعار القديمة، فيما يحاول المستهلكون التكيف مع هذه الظاهرة الغريبة طوعاً أو كرهاً، وربما تكون هذه الآلية فارقة في نتائج أرباح الشركات خلال العام الجاري، فقطاع المواد الأساسية مرشح لتحقيق أرباح تاريخية بفعل زيادة جنونية في الأسعار، أما قطاع الصناعات التحويلية والتجزئة فقد يحققان أرباحاً أقل بسبب ارتفاع التكلفة، وإعراضهما عن زيادة الأسعار بشكل جزئي مخافة تنفير الزبائن.

يمكن أن نلمس هذه الظاهرة عند ملاحظة بعض عبوات منتجات الشركات الغذائية والمنظفات في المتاجر الكبرى، فعلى سبيل المثال فإن أكياس «دوريتوس»، أشهر منتج للرقائق المقلية في العالم، تحتوي اليوم على رقائق أقل من البطاطس المقلية، والواقع أن الأمر لا يقتصر على المنتجات الاستهلاكية المعبأة، إذ يتعرض مقدمو الخدمات والضيافة، مثل الفنادق والمطاعم لمزيد من الضغط، من أجل اكتشاف طرق إبداعية للحفاظ على هوامشهم، وتحويل التكاليف، وهذا يعني تقديم خدمات أقل بذات السعر أو إضافة رسوم جديدة، وعلى سبيل المثال، فقد جعلت فنادق مثل هيلتون وماريوت خدمات تنظيف الغرف اختيارية في معظم مقراتها حول العالم، ما يعني أن النزلاء لن يحصلوا على هذه الخدمة إلا إذا طلبوها.

تحديد الأسعار بشكل مرضٍ لكافة الأطراف أصبح أمراً بالغ الحساسية في هذه الأوقات التضخمية

وعلى الخطى نفسها تسير المطاعم، فهي تقوم بتعديل قوائم الطعام لتفادي زيادة الأسعار بشكل مباشر، وهناك توجيهات صريحة للطهاة بإزالة المكونات باهظة الثمن أو تقليلها من الأطباق، أو إعادة تسمية الطبق من أجل تسعيره بشكل جديد، كما أضيفت المقبلات التي كانت تقدم بشكل مجاني مع الأطباق الرئيسية إلى الفاتورة، والحقيقة أن تحديد الأسعار بشكل مرضٍ لكافة الأطراف أصبح أمراً بالغ الحساسية في هذه الأوقات التضخمية العصيبة، فتدابير التقشف ظاهرة للعيان.

وإذا كانت الجائحة عذراً لتقليص نوعية الخدمات وندرة البضائع في المتاجر، فإن صبر المستهلكين بدأ ينفد الآن مع تقادم الوباء، ولا شك أن غضب المستهلكين يجبر الشركات على تقديم تبريرات غريبة لتقليل العبوات والخدمات باعتبارها أمراً في صالح الزبائن، ومثال ذلك شركة مونديليز، أكبر صانع «أوريو» ومالك «كادبوري» صانع الشوكولاتة الرائد، تصر على تقليص ألواح الشوكولاتة في عبواتها كجزء من استراتيجيتها النشطة لمعالجة السمنة، فيما تروج بعض الفنادق للتخلص من المنظفات الشخصية المعبأة في زجاجات صغيرة، وتشجع استخدام المناشف كجزء من جهودها لخفض انبعاثات الكربون، ولا شك أن هذه الادعاءات ترتبط بتوفير تكلفة هذه المنتجات.