الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

هل اقتربنا من الركود التضخمي؟

مع دخول الأزمة الروسية-الأوكرانية شهرها الثاني، تتزايد المصاعب الاقتصادية حول العالم، ولا يبدو أن هناك أي حلول تلوح في الأفق، فحتى لو تم التوصل إلى اتفاق يوقف العمليات العسكرية بين الطرفين، فإن إصلاح ما انكسر في التعاملات الاقتصادية سيحتاج وقتاً طويلاً جداً، ومن السذاجة الاعتقاد أنه في حال الوصول إلى اتفاق عسكري وسياسي، فإن الشركات التي خرجت من روسيا ستعود مباشرة وأن كل العقوبات التي تم وضعها بشكل فائق السرعة، سيتم إلغاؤها وكأن شيئاً لم يكن.

يمكن توصيف الوضع بمغامرات ومغامرات مضادة بين الدول الكبرى. روسيا غامرت بالأعمال العسكرية لأسباب أمنية استراتيجية ما أدى لتعرضها لعقوبات دولية تضغط على اقتصادها بشكل كبير، فرغم أنها مستمرة حتى الآن في بيع النفط والغاز والكثير من منتجاتها الطبيعية، فإن تأثير العقوبات وخروج الشركات الأجنبية سيكون له تأثير قوي على الناتج المحلي ونموه لفترات قادمة.

وإذا كانت روسيا تقول إنها توقعت ردود الفعل واستعدت لها، فإن الدول الغربية ردت بمغامرة عن طريق عقوبات تؤثر على الاقتصاد الروسي، ولكنها أيضاً رفعت الأسعار على المواطن في الدول الغربية بشكل غير مسبوق، ولا يبدو حتى الآن أن سلاح العقوبات هو الذي سيوقف روسيا عن تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية، لذا فإن المواطن الغربي سيتحمل كلفة العقوبات مع المواطن الروسي.

أسوأ الاحتمالات هو الدخول في ما يسمى بالركود التضخمي وهو استمرار ارتفاع الأسعار مع توقف النمو



وفي خضم هذه التطورات السياسية، تعود موجات فيروس كورونا للتفشي في الصين وترتفع وتيرة الإغلاقات في المدن المليونية مما يوقف عمل الكثير من المصانع ويزيد من مشاكل سلاسل الإمداد عالمياً.
أما البنوك المركزية فمستمرة بخطتها لرفع الفائدة عدة مرات في الأشهر المقبلة بهدف السيطرة على التضخم، ولكن الخشية هي من أن يؤدي ذلك إلى زيادة الكلفة على المستهلك بدل تخفيضها، لأن الكثير من المستهلكين مع ارتفاع الأسعار سيضطرون للاستدانة للحصول على احتياجاتهم ومع رفع الفائدة تصبح الكلفة عليهم مضاعفة.


في قراءة تطور الأوضاع الاقتصادية والسياسية منذ بداية جائحة كورونا حتى اليوم، فإنه لا يوجد مع الأسف سيناريو إيجابي للخروج من الأزمة المتواصلة. الأمل هو بالخروج بسيناريو أقل سوءاً من غيره كي يتمكن الاقتصاد العالمي من التقاط أنفاسه ثم الدخول في الاستقرار. إن أسوأ الاحتمالات هو الدخول في ما يسمى بالركود التضخمي وهو استمرار ارتفاع الأسعار مع توقف النمو في الاقتصاد.

تطور الأحداث في الشهر المقبل سيعطينا فكرة عما إذا كانت احتمالات الركود التضخمي في تزايد أو تناقص. طبعاً نتمنى أن تقل تلك الاحتمالات.