الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الصين.. ودبلوماسية القروض

في بحثٍ حول المساعدات التي تقدم للدول النامية من قبل مؤسسة AidData ، تم تقدير ما تدفعه الصين سنوياً كمساعدات ودعم للدول الفقيرة بـ85 مليار دولار، وهو ما يعادل ضعف ما تدفعه الدول الكبرى الأخرى مجتمعة. لكن الفرق أن معظم ما تدفعه الصين يأتي على شكل قروض بعقود وبنود مشددة، وقد تزايد نشاط الصين في هذا الإطار عبر العقدين الأخيرين، خصوصاً مع إطلاق مبادرة الحزام والطريق في عام 2013.

أما البنك الدولي، فيقدر أن 37% من فوائد ديون الدول الأقل دخلاً (74 دولة) في 2022 مستحقة للصين مقابل قروضها. لا يبدو هذا الرقم صادماً لأن المشاريع الممولة من الصين أو المنفذة من الشركات الصينية كثيرة ومعروفة في دول أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

هناك ترقب بعد أزمة كورونا وما تلاها من تضخم مرتفع أصاب الدول الفقيرة بقوة وزعزع استقرارها، كما يجري حالياً في سريلانكا حيث المظاهرات وأعمال الشغب اعتراضاً على غلاء الأسعار وعدم توفر المواد الغذائية. الترقب هو بخصوص كيفية تعامل الصين مع الدول المَدينة لها، وما إذا لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها، وهو ما لن يكون مستغرباً في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.

الفترة المقبلة ستكون بمثابة فرصة للصين للرد على اتهامها باستخدام «دبلوماسية القروض»

سبق أن واجهت الصين سريلانكا تحديداً، ولم تتمكن الأخيرة من سداد دفعات القرض، فتم تحويل اتفاقية القرض إلى عقد إيجار لمدة 99 سنة لصالح الصين، وحصلت عمليات مشابهة في كثير من الدول الأخرى، مثل كينيا التي رهنت ميناء مومباسا لصالح الصين أو فنزويلا التي رهنت إنتاجها النفطي وحتى باكستان في ميناء جوادر.

معظم تعاملات الصين المالية مع الدول المعنية لا تتم دائماً بشكل مباشر مع الحكومات ولكن عبر شركات تمتلكها حكومات الطرفين، ولذلك لا تظهر القروض بشكل واضح في موازنات الدول ومصاريفها وتحتاج الى أبحاث معمقة للوصول إلى تقديرات حولها.

التعامل مع هذه الدول في الفترة المقبلة سيكون بمثابة فرصة للصين للرد على الاتهامات التي تقال عن اتباعها سياسة «دبلوماسية القروض»، بمعنى أنها تُغرق الدول الفقيرة بقروض صعبة بهدف امتلاك أصولها عندما تتخلف عن الدفع، ورغم أن الصين قامت بتأجيل بعض الدفعات والمستحقات، لكن حاجة تلك الدول للمزيد من الأموال سترتفع مع التضخم ونفاد احتياطياتها، والصين ستكون جاهزة لإعطاء المزيد من القروض مقابل رهن المزيد من الأصول وتوسيع قاعدتها الاقتصادية الدولية.