السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أزمة الديون الأفريقية

في تقرير صدر مؤخراً لصندوق النقد الدولي، بدا أن مستويات الدين العام للناتج المحلي في أفريقيا وصلت لأعلى مستوياتها في العقدين الأخيرين.

مشكلة الديون في أفريقيا وخصوصاً في دول جنوب الصحراء ليست جديدة ولكنها تفاقمت بشكل كبير مؤخراً بسبب تبعات الحرب الروسية - الأوكرانية وتلاشي الآمال باستمرار التعافي الذي شهدته القارة بعد جائحة كورونا.

ارتفع عدد الدول المعرضة لمخاطر أزمة ائتمانية من 14 في عام 2015 إلى 23 في العام الحالي، ويتوقع الصندوق أن تتسبب أزمة الأسعار الناتجة عن الحرب بالمزيد من الارتفاع في التضخم ونسب الفقر، وبالتالي بروز توترات أمنية واجتماعية.

ورغم أن بعض الدول الأفريقية تنتج وتصدر النفط وستحصل على إيرادات أعلى مع ارتفاع الأسعار، فإن الزيادة ستذهب لحزم دعم الوقود، أما الدول الأخرى فليس لديها ما يخفف أثر ارتفاع النفط.

ويشدد صندوق النقد أن الدول الأفريقية تحتاج في ظل هذه الأوضاع للتعامل مع 3 تحديات مهمة، أولها، حماية المواطنين الأكثر عرضة للتأثر من ارتفاع الأسعار بدون أن يؤثر ذلك على مستويات الدين العام. ثانياً، السيطرة على التضخم بدون التأثير على مستويات النمو. أما ثالث التحديات فهو السيطرة على أسعار صرف عملات تلك الدول، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد الضبابية في الأسواق العالمية.

معظم دول أفريقيا تحولت للتعامل مع الصين، وليس معروفاً عن الصين تساهلها في ديونها دون مقابل

وبالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية في دول جنوب الصحراء وهيكليتها، فإن النجاح في التعامل مع التحديات المذكورة يبدو أقرب للمستحيل، فنسبة خدمة الدين للناتج المحلي في ارتفاع مستمر، مما يعني أن المزيد من الأموال ستذهب لتسديد فوائد الديون بدلاً من القدرة على استخدامها في دعم الاقتصاد. كما أن الاستثمارات الأجنبية بدأت تخرج من تلك الأسواق (كما هي الحال في معظم الأسواق الناشئة)، وليس هناك ما يغريها بالعودة قريباً مع تزايد مخاطر الإفلاس والتوقف عن الدفع، ومع الفساد المستشري في كثير من تلك الدول، يصعب توقع نتائج أفضل في الفترة القادمة.

سبق أن تعرضت الدول الأفريقية لأزمات مشابهة في السابق، وكانت الحلول عادة تأتي على شكل دعم من المنظمات الدولية وأيضاً عن طريق إسقاط نسب كبيرة من ديون الدول الكبرى، لكن الوضع حاليا تغير لأن معظم دول أفريقيا خلال السنوات الأخيرة تحولت للتعامل مع الصين في موضوع الديون، وليس معروفاً عن الصين تساهلها في ديونها بدون الحصول على مقابل.

يبدو أن ملامح السنوات المقبلة في أفريقيا قد تشكلت بشكل مشابه لما حصل في سريلانكا، إلا إذا تمكنت الحكومات الأفريقية من اجتراح المعجزات.