الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

العيد.. ورهانات الإنفاق الاستهلاكي

تبدو رهانات التجار والشركات على سخاء المستهلكين خلال فترة الأعياد في محلها تماماً، باعتبارها أهم موسم للمبيعات خلال العام، ففيه يزدهر الطلب، ويتحرك المخزون الراكد، وفيه تنتعش آمال تعزيز الأرباح قصيرة الأجل في قطاعات حيوية مثل المطاعم، والمتاجر، والملابس، والهدايا، والذهب، والترفيه، والسياحة، ما يخلق تأثيراً مضاعفاً للنمو خلال الربع الثاني من العام، والأهم أن زيادة الإنفاق تعتبر مؤشراً مطمئناً على بقاء شهية الزبائن للتسوق، متغلبين على مناخ عام يرجح استمرار التضخم لفترات أطول، والحقيقة، أن انكماش الإنفاق وصفة سيئة جداً لأي اقتصاد، أما فورة الطلب فهي أمر بالغ الأهمية للتعافي في ظروف استثنائية.

والواقع، أن هذه المواسم التجارية التي يعول عليها الكثيرون تصطدم بواقع صعب للمستهلكين الحائرين بين أمرين كلاهما مر، فإما الشراء قبل زيادة الأسعار أكثر، وأما الاحتفاظ بالكاش والانتظار حتى تتراجع الأسعار، لكن، الأمر يبدو مرتبطاً أكثر بالسعادة والاحتياج والقدرة، فقد استحدث الخبراء خلال السنوات الأخيرة مفهوماً جديداً، يربط بين الإنفاق والسعادة، بمعنى أن المستهلك يقبل أكثر على شراء الأشياء التي تمنحه الشعور بالسعادة، مثل شراء سيارة جديدة يعشقها، أو ملابس أنيقة يفضلها، أو أدوات تجميل تشعره بجمال المنظر وصغر السن، ونعتقد أن العلامات التجارية الموثوقة ستستمر في العمل بشكل جيد، حيث تمتلك قوة التسعير التي تحافظ على الأرباح، بل إنها يمكن أن تعزز إيراداتها إذا عادت ثقة المستهلكين إلى مستويات ما قبل الوباء.

رغم إضراب المستهلكين عن شراء أي شيء لا يحتاجون إليه، فإننا نعتقد أن هذا الأمر لن يستمر للأبد

في تلك الأثناء، تجري عملية إعادة تشكيل وهيكلة لسلوك الزبائن، حيث ينصب تركيز المستهلكين بشكل رئيسي على شراء السلع الأساسية، بعدما أوقفوا مؤقتاً مشترياتهم من السلع الكمالية والفاخرة، وعلى سبيل المثال، فقد أجبرت زيادات أسعار المساكن والسيارات، المستهلكين على ترحيل بعض أحلامهم إلى المستقبل، ليصبح شراء المسكن المريح والسيارة الجديدة فكرة مؤجلة، ومن هنا يتعين على الشركات اعتماد تسعير عادل، وإبراز القيمة المضافة لمنتجاتهم، حتى يكافئهم الزبائن بالشراء.

رغم إضراب المستهلكين عن شراء أي شيء لا يحتاجون إليه، فإننا نعتقد أن هذا الأمر لن يستمر للأبد، لأن مؤشر ثقة المستهلكين يمرض ولا يموت، فهو المحرك الحقيقي للنمو الاقتصادي، ولهذا، تبدو بعض الشركات أكثر عقلانية ومرونة في تعديل توقعاتها لحجم الإنفاق الاستهلاكي، في ظل استمرارية الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية، لكن الخطر الرئيسي يتمثل في اعتياد الزبائن على سلوك الاستغناء عن أية سلعة لا يحتاجون إليها.