الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

التعاونيات الاستهلاكية.. في قفص الاتهام!

ناصر بن حسن الشيخ

تزايدت في الآونة الأخيرة النقاشات حول ظاهرة غلاء الأسعار، وهي ظاهرة عالمية تعد إحدى إفرازات موجة التضخم التي تجتاح المعمورة اليوم، وكدأب أي نقاش عام يجنح المتضرر حينها لإيجاد شماعة تكال إليها جل الاتهامات، ووجد معظم المتناقشين في هذه الحالة ضالتهم في التعاونيات الاستهلاكية، مصورين إياها وكأنها خانت العهد تجاه المجتمع، وكانت المتسببة في ضيق حال يده.

ذلك يبين لي قصوراً كبيراً في فهم ماهية التعاونيات الاستهلاكية، ويؤكد الحاجة الملحة لأن تقوم الجهات الرسمية المشرفة على القطاع والتعاونيات الاستهلاكية بحملة توعوية شاملة، إذ إن لم يُحسَن الفهم فحتماً ستكون عدم معقولية التوقع.

إن أخذنا خطوة للوراء، التعاونيات الاستهلاكية هي تكتلات لمجموعة من المستهلكين، يرون المنفعة المشتركة في توحيد استهلاكهم تحت مظلة واحدة، فهي كيان يكتسب زخماً من توحيد القوة الشرائية للمجموعة، ويقدم في بعض الأحيان أيضاً -كما هو معمول به لدينا- خدماته للآخرين، مما يمكنه من تقديم المنتج أو السلعة بأقرب سعر من كلفة شرائها أو إنتاجها.

التعاونيات الاستهلاكية هي ركيزة للمجتمعات، وستجد نفسها في قفص الاتهام من وقت لآخر

تجربة التعاونيات الاستهلاكية -بالرغم من علو كعب التجربة الإماراتية والكويتية إقليمياً- ليست كاملة بمطلقها، هي تجربة بدأت في الإمارات بموجب القانون رقم 13 لسنة 1976، لتشهد نشأة جمعية الشارقة التعاونية في 1978، ثم العديد غيرها إلى أن أنشئت تعاونية أبوظبي في 1980 وتعاونية الاتحاد في 1982، لذا كان هناك الكثير من التعلم، والعديد من المحاولات للخروج من قيود القانون القديم الذي لم يواكب تطور الدولة ومجتمعها.

سهل جداً لأي مستهلك أن يقارن سعر منتج واحد يباع لدى تعاونية ما وسعره لدى منفذ تجاري بحت، ليبين رخصه في المنفذ التجاري مقارنة بالتعاونية، لكن الإنصاف والعدل هو أن تقوم المقارنة ذاتها بين سلة من السلع. كانت هناك مقارنة لسلة مقومة على 525 سلعة التي بينت تنافسية تعاونية محددة مع المنافذ التجارية.

وتلك ليست المنفعة الوحيدة التي يحصل عليها العضو، إذ إنه يتمتع أيضاً بالعائد على مشترياته والأرباح السنوية لمساهمته في التعاونية، والتعاونيات الاستهلاكية مطالبة أيضاً بإعادة اكتشاف نفسها أيضاً، فالتقنيات المحاسبية اليوم تتيح تقديم المنفعة لأن يستفيد المستهلك من العائد على مشترياته في لحظة الشراء، وليس بعد إغلاق دفاتر الحسابات بعد عام!

الشاهد، أن التعاونيات الاستهلاكية هي ركيزة للمجتمعات، وستجد نفسها في قفص الاتهام من وقت لآخر، لكننا نقارن هنا بين كيانات اجتماعية يستفيد منها عشرات الآلاف من المواطنين، وأخرى المستفيد منها شخص واحد أو حفنة تعد على أصابع اليد، فأيهما أولى بالدعم؟!