الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

هل يمكن تجنب الركود المقبل؟

تقوم معظم البنوك المركزية حول العالم مؤخراً برفع معدلات الفائدة في إطار جهودها للسيطرة على التضخم الذي يواصل الارتفاع منذ العام الماضي. بنك إنجلترا قام بزيادة جديدة لسعر الفائدة وأرفقها بتوقعاته بتخطي التضخم نسبة 10%، بينما أعلن الفيدرالي الأمريكي عن زيادة 0.5% هي الأعلى منذ عام 2000، وقامت أيضاً البنوك المركزية في البرازيل والهند وكوريا الجنوبية وأستراليا برفع الفائدة لأعلى مستوياتها في عدة سنوات.. أما المركزي الأوروبي فيتوقع أن يبادر قريباً بعد طول انتظار لرفع الفائدة في منطقة اليورو.

رغم كل ذلك، يشكك الكثير من المراقبين في أن تلك القرارات ستكون كافية لإبطاء التضخم وتجنب الركود الاقتصادي الذي تزيد احتمالات حدوثه كل يوم، فهم يرون أن سياسات رفع الفائدة مع أنها ضرورية للتعامل مع التضخم، إلا أنها لا بد أن يرافقها ركود اقتصادي قبل أن يتوازن الاقتصاد ويعود للنمو من جديد، وهم أيضاً يستندون في ذلك على المعطيات التاريخية في حالات مشابهة، وإن كان البعض يرى أن هيكلية الاقتصاد العالمي اليوم تختلف عن السابق.

دول الخليج أمامها فرصة للاستفادة من الإيرادات النفطية المرتفعة للدفع باقتصاداتها نحو المزيد من التقدم

في الفترات التي شهدت مستويات تضخم مرتفعة سابقاً، وتحديداً بين السبعينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كانت دول الغرب الرئيسية هي من يؤثر في الاقتصاد العالمي ويمكنها اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة وإدارة اقتصاداتها تبعاً لذلك، وهذا ما حصل في عهود نيكسون وريغان في أمريكا ومارغريت تاتشر في بريطانيا على سبيل المثال. أما اليوم، فلم يعد بإمكان البنوك المركزية الغربية وضع توقعاتها للتضخم في بلدانها بدون متابعة سياسة الحكومة الصينية بخصوص مكافحة فيروس كورونا، أو انتظار قرارات دول أوبك حول سياسات الإنتاج.

إن تجنب الركود بحاجة إلى حل مشكلة الحرب الروسية- الأوكرانية، وتفادي موجات مقبلة من كورونا وما يرافقها من إغلاقات وتعطل العمل واختلال سلاسل الإمداد، إضافة إلى استقرار أسعار النفط والغاز والغذاء، وبما أن كل تلك الأمور ليست تحت سيطرة صناع القرار، فالمطلوب هو سياسة أكثر حدة في رفع الفائدة حتى لو كان الأثر المرحلي سلبياً بشكل كبير، في سبيل عودة الاقتصاد للتوازن سريعاً.

في رأيي أن الاقتصادات الغربية سيكون من الصعب جداً عليها تجنب الركود نهائياً، بينما ستتمكن بعض دول الاقتصادات الناشئة من تفادي آثاره وتحقيق نسب نمو جيدة وخصوصاً دول الخليج التي أمامها فرصة للاستفادة من الإيرادات النفطية المرتفعة للدفع باقتصاداتها نحو المزيد من التقدم.