الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

تايوان.. هل هي أوكرانيا الجديدة؟

تزداد التوترات ما بين تايوان والصين بشكل مضطرد، حيث تستمر المقاتلات الصينية بدخول الأجواء التايوانية، وتقوم القطع البحرية الصينية بدخول المياه الإقليمية لتايوان بشكل متكرر، كل ذلك وتردد الصين أن تايوان هي جزء لا يتجزأ منها، وأنها لن تسمح بتجاوز خطوطها الحمراء التي تمس ذلك، وتُحذر الولايات المتحدة من الدفع باتجاه يُجبر الصين على التدخل العسكري، مُذكرة واشنطن بأن العواقب ستكون أضعاف ما أحدثه التدخل الروسي في أوكرانيا، وأن التهديدات الغربية لن تجعلها تتردد بإرسال ما يضمن ضم تايوان إليها أو على الأقل عدم استقلالها.

يحتل الاقتصاد التايواني المركز 22 عالمياً، أحد ما يسمى بالنمور الآسيوية الأربعة، تتميز تايوان بالصناعات التكنولوجية، لتصبح أكبر مُصنّع لأشباه الموصلات، والتي يعاني العالم نقصاً حاداً فيها هذه الأيام، لتقرر أن تستثمر هذا العام 40 مليار دولار لدعم هذه الصناعة، وعلى الرغم من الصعوبات السياسية التي تواجهها تايوان نتيجة العزلة الدبلوماسية الذي فرضتها عليها بكين، إلا أن تايبيه الصينية تعتبر رقماً صعباً في الاقتصاد العالمي.

كان الأمر هادئاً نسبياً بينها وبين جمهورية الصين الشعبية، على الرغم من محاولات الأخيرة تحويلها إلى هونغ كونغ أخرى، حتى بدأت تتصاعد الاستفزازات الغربية في بحر الصين، لندخل في خطر دوامة حرب أخرى جنوب شرق آسيا، لن يتحمل العالم تبعاتها ولا يمكنه المغامرة بها.

محاولات الولايات المتحدة وحلفائها احتواء الصين يدفع باسم تايوان كإحدى الخطط التي تستخدمها واشنطن لإزعاج بكين

مع استمرار محاولات الولايات المتحدة وحلفائها احتواء الصين والسيطرة على صعودها، يبرز اسم تايوان كأحد الخطط التي تستخدمها واشنطن لإزعاج بكين والتضييق عليها، مستغلة خوف تايوان على استقرارها واستقلالها، وبالتالي كلما زادت التوترات زادت حاجة تايوان للتدخل الأمريكي ورفع مستوى الحماية، وهذا في نهاية المطاف يزيد من مخاطر تجاوز الخطوط الحمراء للصين فتحدث الكارثة التي لا يمكن التراجع عنها.. غزو الصين لتايوان.

نتذكر في هذا الصدد المسؤولية التي يجب أن تتحلى بها القوى العظمى، والتي لها اليد الطولى في صناعة الأحداث العالمية، أن تُقدم مصالح العالم واستقراره الجيوسياسي على مطامعها، أو على الأقل أن تُغيّر أسلوبها، فلا تمارس نفس اللعبة التي لعبتها مع كييف، والتي أوقعت الدب الروسي في فخ اجتياح أوكرانيا، ونتيجة لذلك فرض الغرب آلاف العقوبات على روسيا، والتي رفعت نسب التضخم، وأضرت بالأمن الغذائي، في وقت يحاول العالم الخروج من وحل جائحة كورونا، فماذا سيحدث لو وقع التدخل العسكري الصيني؟ بالتأكيد سنكون أمام إحدى أكبر أزمات القرن الواحد والعشرين، وقد يتطور الأمر إلى مواجهة عالمية لا تحمد عقباها.