الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

اهتزاز الثقة بالعملات المشفرة

منذ ظهور العملات المشفرة قبل نحو عقد من الزمن، ومجتمع المؤمنين بها يناضل لنشرها وزيادة الثقة بها تحت شعارات الابتعاد عن النظام المالي التقليدي الخاضع لقرارات الحكومات والبنوك المركزية، إضافة إلى التبشير بأن تلك العملات هي التي ستنجو من انهيار العملات التقليدية المقبل لا محالة بسبب الاستمرار بطباعة النقود.

ورغم أن تلك العناوين مثيرة شعبوياً، إلا أنها لم تتمكن بعد من إقناع الغالبية العظمى من الناس حتى الآن، وبقي معيار الرأي في العملات المشفرة خاضعاً لحركة أسعارها صعوداً وهبوطاً، ولذلك أصبح أمراً روتينياً أن نرى محبي العملات المشفرة يهللون عند ارتفاع الأسعار لمستويات جديدة، بينما نرى معارضيها تملؤهم الشماتة عند الانخفاضات القوية في الأسعار.

لكن هزة العملات المشفرة هذه المرة كانت أقوى بسبب ما تعرضت له بعض ما يعرف بالعملات المستقرة Stable Coins، وهي عملات مشفرة مصممة بشكل يكون سعرها ثابتاً ومربوطاً بسعر دولار واحد.


مثلا عملة UST المربوطة بالدولار عن طريق خوارزميات تعمل كي توجه عمليات البيع والشراء بشكل يؤدي لمحافظةUST على سعر 1 دولار، فقدت ذلك الربط وهوَت معها العملة المتعلقة بها Luna إلى الصفر بعد أن وصل سعرها سابقاً إلى 119 دولاراً.



البيتكوين لن تكون في المدى المنظور أصلاً يحفظ القيمة ولن تكون بديلاً للعملات التقليدية



فكرة العملات المستقرة أن يستخدمها مَن يريد الاحتفاظ بأمواله في عملات مشفرة خارج النظام المصرفي دون أن يتعرض لتقلبات الأسواق، فكانت هذه النتيجة بمثابة الرسوب في اختبار الثقة باعتراف مؤسس UST وLuna الذي عبر عن ذلك في تغريدات له على تويتر.

إن السبب الرئيسي للهبوط الذي حصل في الفترة الأخيرة يعود لهبوط أسواق المال بشكل عام، مع ارتفاع التضخم وتدخل البنوك المركزية لرفع الفائدة ما يدفع المستثمرين للخروج من الأصول عالية المخاطر نحو الأصول الأكثر ثباتاً، وهذا يعني أن النظرة للعملات المشفرة وعلى رأسها البيتكوين، لا تزال نظرة مضاربية، وليست أصلاً يحمي القيمة عند ارتفاع المخاطر.

لا يزال الخلط قائماً بين الدور المحتمل للبيتكوين وبين تقييم جدواها بناء على سعرها، وبهذا فهي لن تكون في المدى المنظور أصلاً يحفظ القيمة ولن تكون بديلاً للعملات التقليدية، فأمامها طريق طويل وثقة كبيرة تحتاج لبنائها، ولكنها في الوقت نفسه لن تختفي ولن تنخفض قيمتها إلى الصفر، لأن الأصول المضاربية عالية التقلب مطلوبة في الأسواق وسيكون لها جمهور يطلبها دائماً، والمهم أنّ على من يضارب بها أنْ يعي مخاطرها.