الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

انتهاء عصر الأغذية الرخيصة

راجعت التقرير الأخير لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، والذي يشير إلى تراجع أسعار الغذاء العالمي بشكل طفيف خلال أبريل الماضي، ووجدت احتفاءً من البعض بهذا التراجع، والحقيقة أن هذا التحسن المزعوم هو على مستوى الأرقام فقط، ولا يعكس بحال واقع الأزمة المعيشية في الشرق والغرب، ويكفي مراجعة عينة من الأرقام التي لا تكذب، فقد بلغ التضخم في أمريكا 8.5%، وفي بريطانيا 7%، أما في منطقة اليورو فالمعدل 7.4%، وفي الصين %1.5، وفي اليابان1.3 %، وفي روسيا 17.5%، أما في تركيا فالنسبة %70، وفي مصر%14.9 .

من الآن فصاعداً، يجب أن يتكيف المستهلكون مع حقيقة مؤلمة، وهي أن العصر الذهبي للأغذية الرخيصة قد انتهى، حيث يواجه المتسوقون خيارات صعبة بشأن الإنفاق، بعدما أدت الصدمة المالية إلى ارتفاع الأسعار بشكل قياسي لأول مرة منذ عدة عقود، ولهذا يبدو أن أسعار الغذاء المرتفعة بشدة ستبقى عالقة حتى نهاية العام الجاري، ما يشكل تحدياً كبيراً للأمن الغذائي، خاصة للدول الفقيرة، فيما تعاني الأسواق تعطل الإمدادات بفعل العقوبات الغربية على روسيا، أحد أكبر مصدري المنتجات الزراعية في العالم.

من الآن فصاعداً، يجب أن يتكيف المستهلكون مع حقيقة مؤلمة، وهي أن العصر الذهبي للأغذية الرخيصة قد ولى

لا يعمل الاقتصاد لصالح أي شخص دون استقرار الأسعار، ولهذا ينبغي السيطرة على فاتورة الغذاء التي يتوقع أن تتحمل زيادات إضافية بنحو 2 تريليون دولار هذا العام، ما يزيد من خطر تفشي الجوع في الدول الفقيرة.

تشير البيانات القادمة من أكثر من دولة مهمة إلى تدهور معنويات المستهلكين، بينما تكشف نتائج أرباح شركات التجزئة أثر التقشف على الطلب الاستهلاكي، في ظل حالة الغموض التي تكتنف الاقتصاد، والتي أجبرت الزبائن على أن يكونوا أكثر حذراً، حيث تضطر الأسر إلى إعادة التفكير في أولويات الميزانية، واقتصار الإنفاق على الأطعمة طويلة الأجل.

لا يبدو في الأفق أن ضغوط قطاع الأغذية العالمي ستتراجع قريباً، ولذلك يتعين على الجميع، بما فيهم المستهلكون والمستوردون، إجراء تغييرات جذرية كبيرة، وبعضها قد تكون قرارات مالية مروعة لم تتعود عليها الأسواق، وبما أن أجراس الخطر تدق حول خبز الناس اليومي، فإن المعادلة هي: كيف نضمن للتجار تحقيق عوائد عادلة، وفي نفس الوقت نحافظ على بقاء المستهلكين داخل السوق، جاهزين للشراء؟ وإذا كان السلوك المعتاد هو نقل عبء الكلفة الزائدة إلى الزبائن، فإنه يتعين على الشركات الكبرى أن تفكر في السؤال الأخطر، وهو: إذا تم وضع كل هذه الكلف المرهقة على المستهلكين القلقين فكيف سيتمكنون من شرائها؟