الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الروبل... صعود خارج السيطرة!

استمر الروبل في تحقيق ارتفاعات قياسية أمام كل من الدولار الأمريكي واليورو ليصل إلى مستويات سعرية لما قبل7 سنوات، ما دفع المتابعين للتشكيك بجدوى العقوبات المفروضة على روسيا خاصة أنها لا تطال قطاع الطاقة الأهم، والتلويح بانتصار دهاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومساعديه في قيادة دفة المواجهات.

لا يمكن إنكار أن القيادة الروسية - خاصة إدارة البنك المركزي الروسي - تصرفت بشكل سريع وفعال مستخدمة كل الأوراق الممكنة في السياسات النقدية لدعم عملتها، في مواجهة ردود الفعل الأولى على القرارات الأمريكية - الأوروبية والتي أطاحت بسعر صرف الروبل في البداية.

ولا تزال روسيا تتخذ إجراءات أخرى على غرار فرض الدفع بالروبل مقابل الطاقة، بالإضافة للاستمرار في عمليات شراء وتجميع الذهب مما يفتح الباب لكثير من التفسيرات والتكهنات حول الخطوة المقبلة، لكن بلا شك وعلى أقل تقدير، احتياطي ذهب كبير يعني ثقة أكبر في عملة أي الدولة.

كل ما سبق من إجراءات شكّل موجة عكسية على سعر صرف الروبل وأخذ منحنى صاعداً وحاداً، لكن على المقابل ومن حيث المبادئ الاقتصادية، هذه الإجراءات لا يمكن أن تكون مستمرة لفترة طويلة كما أنها لا تأتي دون عواقب تتضح ملامحها على الهيكل الاقتصادي لاحقاً.

لنتفق من حيث المبدأ على أن اقتصادا ينمو بشكل جيد يمكنه استيعاب عملة قوية، لكن في حالة التباطؤ الاقتصادي فإن العملة القوية تكون مصدر تخوف وقد تدفع بالاقتصاد الى حالة كساد بعد فترة تضخم ركودي.

في حالة التباطؤ الاقتصادي فإن العملة القوية تكون مصدر تخوف وقد تدفع بالاقتصاد الى حالة كساد

ولا يبدو أن روسيا تندرج تحت الحالة الأولى، حيث تشير الأرقام المعلنة إلى وجود انكماش فعلي بما يتماشى مع التباطؤ العالمي بشكل عام، إضافة لتأثير الحرب بشكل خاص، ومن المتوقع بحسب الخبراء أن يصل الانكماش إلى 12% وارتفاع التضخم إلى 20%.

من جهة أخرى ارتفاع الروبل بهذه الحدة سيؤدي إلى اختلال الميزان التجاري، خاصة أن روسيا تعتبر بلداً مصدراً أكثر منه مستورداً، وبالتالي عملة أقوى تعني كلفة أكبر على المستهلكين الخارجيين، ما قد يضطر روسيا لدفع حوافز وخصومات لتنفيذ عمليات البيع كما فعلت مع الهند، وقد يتطور الموضوع إلى ما يعرف اقتصادياً بالمرض الهولندي، والذي يعني حالة اقتصادية تصيب اقتصاد الدولة التي لديها ثروات طبيعية كثيرة، لكنها تتسبب في تراجعها وإفقارها.

أما فيما يخص نتائج العقوبات المفروضة على روسيا وبعيداً عن التأثير اللحظي الذي حدث ثم تضاءل، فالتأثير الفعلي على الاقتصاد يبدأ بعد شهور على الأقل دون التغافل عن كون روسيا دولة من الصف الأول في جميع المجالات سواء اقتصاديا أو غيرها لذلك هي حالياً لعبة عض الأصابع حتى تراجع أحد الطرفين أو الخروج باتفاق يحفظ ماء الوجه للطرفين.

في النهاية، الكرة المشتعلة حالياً في ملعب المركزي الروسي، فهل سيستطيع التعامل مع ارتفاع العملة كما فعل عند انخفاضها أم سيخرج ارتفاع سعر صرف الروبل عن السيطرة!