الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

حوكمة الشركات بين القانون والواقع

إن أهم مبادئ حوكمة الشركات هي تلك التي حددتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD في عام 2004 وتتضمن مبادي رئيسية على رأسها التأكد من أساس فعال لإطار حوكمة الشركات، وحقوق حملة الأسهم ووظيفة الملكية الرئيسية، وكذلك المساواة في المعاملة بين حملة الأسهم، فضلاً عن دور أصحاب المصالح في حوكمة الشركات، ومن بين المبادئ كذلك الإفصاح والشفافية، مسؤولية مجلس الإدارة.

في اعتقادي أن المبدأ السادس المتعلق بمسؤولية مجلس الإدارة يمكن أن يكون مدخلاً مهماً يمكن الانطلاق منه لتفعيل بقية المبادئ وذلك لكون مجلس الإدارة يمتلك سلطة القرار في الشركة والمستمدة من أعلى سلطة في الشركة وهي المساهمين (من خلال الجمعية العمومية).

إن المشكلة ليست في وضع ضوابط ومتطلبات الحوكمة وإنما في التفعيل الحقيقي لمبادئها.

السؤال الأهم.. لماذا أفلست أو فشلت شركات كبيرة سواء على المستوى العالمي أو على المستوى الإقليمي والمحلي بشكل مفاجئ إذا كانت هناك حوكمة فعالة ومستمرة؟! لماذا كانت إفصاحاتها تطمئن المساهمين لآخر رمق قبل أن تخسر بقوة أو تفلس أو تتوقف عند التداول لسنوات وتتسبب بخسائر جسيمة للمساهمين ترافقها خيبة أمل!

السؤال الأهم.. لماذا أفلست أو فشلت شركات كبيرة سواء على المستوى العالمي أو على المستوى الإقليمي والمحلي بشكل مفاجئ إذا كانت هناك حوكمة فعالة ومستمرة؟!

شركات مثل دريك آند سكل وارابتك وماركة والخليجية للاستثمارات العامة والقائمة تطول.. كان لديها أنظمة حوكمة.. ثم وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من تداعيات جسيمة.

لماذا أخفقت إذا لم يكن نظام الحوكمة يعمل بشكل فعال كنظام إنذار مبكر؟

وهنا تأتي المسؤولية الجسيمة والمزدوجة على مجالس إدارة الشركات، فالواجبات لا ترتبط فقط بما هو مكتوب في أنظمة حوكمة الشركات، بل يتعدى ذلك إلى ما هو أهم، وهو المسؤولية الاجتماعية والإدراك العميق والحقيقي بأن الشركة يجب أن تسلك سلوك المواطنة الصالحة وتكون عاملاً دافعاً للاقتصاد الوطني، ومساهماً في خلق بيئة استثمارية جاذبة. فهذا هو المنظور الأشمل الذي يجب من خلاله النظر إلى مجالس الإدارات على الأقل من منظور الاقتصاد النامي والطموح.

في العديد من اجتماعات الجمعيات العمومية يكون تقرير الحوكمة السنوي مهمش، وفي إحدى الاجتماعات لإحدى الشركات كنت حاضراً وكيلاً عن مستثمر كبير، وأثرت ملاحظة في تقرير الحوكمة، كان واضحاً أن عدداً من أعضاء مجلس الإدارة لم يطلع على التقرير!

لا أريد الانتقاص هنا من مجالس الإدارات وإنما الدعوة إلى تبني حوكمة الشركات على أنها «ثقافة مؤسسية» وليست متطلباً قانونياً فقط، هذا هو المدخل السليم لتفعيل نظام الحوكمة وهذه مسؤولية الأطراف ذات العلاقة في تبني هذا المدخل.