الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تشاؤم في دافوس!

بعد انقطاع قسري لما يقارب السنتين بسبب تبعات جائحة كورونا، عاد المنتدى الاقتصادي العالمي ليستقبل قادة الدول والمسؤولين ورؤساء الشركات الكبرى في دافوس السويسرية، وكما كان متوقعاً، احتلت مواضيع تبعات الحرب الروسية - الأوكرانية، ومخاطر الركود الاقتصادي، صدارة الاهتمامات؛ لما تثيره تلك المواضيع من قلق بما يخص الاقتصاد العالمي.

وقد عُقدت اللقاءات تحت عنوان «التاريخ عند نقطة تحول: سياسات حكومية واستراتيجيات اقتصادية». ولكن بمتابعة الندوات والنقاشات والتصريحات التي خرجت من المؤتمر، يمكن استنتاج أن «مفترق طرق» قد تكون معبرة عن الوضع الحالي أكثر من «نقطة تحول».

ففي نتائج الحرب الروسية - الأوكرانية، من الواضح أن هناك تخوفاً كبيراً من أن تطول الحرب وتكون لها آثار سلبية كبيرة على موازين القوى والسلام العالمي، واحتمال توسع رقعة النزاعات إلى مناطق أخرى في أوروبا وآسيا مع مطالبات الانضمام لحلف الناتو في السويد وفنلندا والتوتر المتواصل بين الصين وأمريكا بخصوص تايوان. وقد كان هذا التخوف واضحاً في عدد من النقاشات التي بحثت في مستقبل العولمة وإمكانية استمرارها بنظرة تشاؤمية غير معتادة في دافوس.

الاقتصاد العالمي يمر بأصعب اختبار منذ الحرب العالمية الثانية

ولم تكن عناوين الندوات الأخرى أقل تشاؤماً، وشملت أزمة سلاسل التوريد وما تسببه من إرباك للتجارة العالمية ومشكلات ارتفاع أسعار الغذاء ومخاطر المجاعات المحتملة، إضافة إلى الشؤون الصحية العالمية وما استجد عنها بسبب الجائحة.

أما فيما يخص الاقتصاد العالمي، فكان هناك شبه إجماع أن الركود الاقتصادي قادم ولا يمكن تجنبه، وإن كانت الآراء اختلفت حول حجمه وتوقيته ومدته وإمكانية التعامل معه. والاختلاف في آراء المختصين والمسؤولين مفهوم في الوقت الحالي، نظراً للعدد الكبير من المتغيرات التي لا يمكن توقع نتائجها.

وقد عبرت مديرة صندوق النقد الدولي عن ذلك بقولها: إن الاقتصاد العالمي يمر بأصعب اختبار منذ الحرب العالمية الثانية، ولكنها رأت أن العالم مر بأزمات غير مسبوقة واحدة تلو الأخرى، لكنه أظهر مرونة كبيرة، وهو ما يجب البناء عليه.

لم يخرج المؤتمر- كالعادة- بحلول أو اقتراحات واضحة للتعامل مع الأزمات القادمة وتبعاتها، وهذا- أساساً- ليس من مهمة المنتدى ولا أهدافه؛ فهو مؤتمر للنقاش وطرح الآراء. ولكن إذا كانت قد ناقشت مجموعة كبيرة من أهم السياسيين والمسؤولين ورؤساء الشركات العالمية- غلب عليها الجو التشاؤمي- فإنه يمكن الاستنتاج أن مساحات التفاؤل قد أصبحت ضيقة جداً.