الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أين يتجه الاقتصاد العالمي؟

خالف الاقتصادي المصري الأمريكي محمد العريان، الأسبوع الماضي، الجميع عندما توقع أن تأتي نسبة التضخم لشهر مايو في الولايات المتحدة صادمة، وصدقت نبوءته مع إعلانها بعد أيام عند مستوى 8.6%، وهي الأعلى منذ أكثر من 40 عاماً، ليخيم التشاؤم على جميع أسواق المال في العالم، التي دخلت في مرحلة سقوط حر كساها اللون الأحمر.

وتكتسب توقعات العريان أهمية كونها خالفت المختصين منذ أكثر من عام أيضاً، إذ إنه توقع حينها أن التضخم ليس حالة عابرة كما روج الجميع، وأنه سيشكل تحدياً اقتصادياً أعمق مما نتصور، وصدق في نبوءته مجدداً، وإن رمى البعض إلى أنه لم يمكن لأحد أن يأخذ في الاعتبار حينئذ الحرب الأوكرانية التي حفزت تدهور الاقتصاد العالمي.

قد يتساءل البعض، لماذا نهتم بما يحدث في الولايات المتحدة؟ الإجابة ببساطة لأنها تقود اقتصاد العالم حتى إشعار آخر، ولذا فكما يقال «إن عطست أمريكا.. أصيب العالم بنزلة برد»، إضافة إلى أن كل عملات دول الخليج (ودول أخرى كثيرة في العالم) مرتبطة بالدولار الأمريكي، فأي إجراء يتعلق بالسياسة النقدية هناك ستكون له انعكاساته على الجميع.

التدفقات النقدية التي توفرها الموارد الطبيعة للخزائن العامة الخليجية قياسية، وذلك بفضل أسعار النفط والغاز العالمية الحالية

وبالرغم من توقع زيادة نسبة التضخم في قادم الأيام قبل أن تخفت شعلته، واضطرار المصارف المركزية لرفع نسبة الفائدة بأكثر مما كان مخطط له لكبح جماحه، ودخول الاقتصاد الأمريكي ومعه الأوروبي في تباطؤ - أو حتى كساد - جراء تلك الإجراءات، فإن التأثيرات على اقتصاداتنا لن تكون مماثلة، فمع كل الترابط هناك اختلافات عديدة.

فالتدفقات النقدية التي توفرها الموارد الطبيعة للخزائن العامة الخليجية قياسية، وذلك بفضل أسعار النفط والغاز العالمية الحالية، التي تنبئ جميع المؤشرات باستمرارها عند مستويات عالية في المستقبل المنظور، نعم هناك تباين وقد يكون أكبر المستفيدين السعودية والإمارات والكويت وقطر، ووتيرة العجلة التنموية لم تهدأ، بل هناك توسع في المصروفات الرأسمالية العامة.

ولذا ففي خضم التقلبات الاقتصادية العالمية يغمرني التفاؤل، وإن كان بحذر، نعم سيتوجب علينا مراجعة نسب النمو لكننا سننمو حين ينكمش الآخرون، وهي فرصة عظيمة لإعادة التركيز على الأساسيات والتخلص من الزوائد واقتناص فرص عالمية لن تسنح مجدداً في أي وقت قريب، وهي فرصة لتعزيز روابطنا مع اقتصادات ناشئة كأفريقيا التي تكتنز الكثير من إمكانات النمو.