الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أكراد سويا.. وقرار ترامب

قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من شمال شرق سوريا مربك في تبريره وتنفيذه، فبينما كان في البداية يؤيد توغل تركيا في سوريا، لكنه عندما أرسل أردوغان بالفعل قوات عسكرية، هدد ترامب «بتدمير وطمس» الاقتصاد التركي، وفرض العقوبات الاقتصادية.

لقد أتت رسالة ترامب إلى أردوغان بأسلوب ساذج للغاية، حيث يبدو أنه تمَّ اقتطاعها ولصقها وتجميع سطورها من تغريداته في تويتر، إذ طلب من أردوغان في هذه الرسالة ألا يكون «شابًا قاسيًا» و«أحمق»، وكان من البديهي أن هذه الرسالة تحمل بصمات البيت الأبيض وتوقيعه الرئاسي بكل وضوح.

بعد ذلك أصدر الكونغرس الأمريكي إدانة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لقرار ترامب بأغلبية ساحقة، واتهم بإجماع المحللين والمستشارين وجماعات الضغط في واشنطن العاصمة.


كل الاتهامات والمشاعر التي تحوم حول القرار، أو الحسابات السياسية المتناقضة داخل الكونغرس، تدفعنا للتساؤل: ما إذا كانت كل هذه الاتهامات ناتجة عن دوافع صادقة بالنسبة للديمقراطيين، وهذا ما يمثل فرصة أخرى لإقالة الرئيس؟.


أما بالنسبة للمسؤولين والمستشارين السابقين الذين تم طردهم من قبل ترامب، فهذه فرصة للانتقام وتقدم الصفوف، وبالنسبة إلى جماعات الضغط والاستشاريين والخبراء المعينين، فهناك مجموعة متنوعة من الدوافع لتوضيح كيف قاوموا قرار ترامب «المجنون».

لكن علينا أن نتذكر أن الولايات المتحدة كانت في وضع صعب في سوريا بشكل متزايد، فليس لديها القدرة ولا الإرادة لتغيير هيكل ميزان القوى المهيمن فيها على أساس أن المحور الثلاثي الروسي - الإيراني - التركي يسيطر على الميدان والسياسة، وهذا ما تنفر منه الولايات المتحدة.

لقد كان من المتوقع أن تزداد الدعوة إلى الاستقلال الأكراد مع مرور الوقت، وقد تصبح مستعصية على الحل، رغم عدم وجود أمل كبير في إقامة دولة مستدامة في شرق الفرات طالما كانت هناك لحظة لا تستطيع فيها الولايات المتحدة الوفاء بوعدها الضمني بدعم الاستقلال الكردي.

إن قرار ترامب بالتَّخلِّي عن الأكراد قرارًا قاسًيا وغادرًا، لكنه كان حتمياً يتعين على أي رئيس أمريكي مستقبلي اتّخاذه.

وفي حقيقة الأمر، فإن الوضع غير المُوَاتِي، الذي كانت تتمركز فيه القوات الأمريكية في سوريا، لم يكن من صنع ترامب نفسه بل من قبل أسلافه، فمن الممكن أن يشكره خلفاؤه سراًّ على قراره بقطع العلاقات مع التدخل في سوريا!.

لقد كانت الانتكاسة الأمريكية في سوريا مُحْرِجَة للشعب الأمريكي، وبدأ توجيه أصابع الاتهام كالمعتاد، ومعظم الاتهامات تشير في الوقت الحالي إلى ترامب، ومن الواضح أن ذلك بصفته رئيس الولايات المتحدة، فهو المسؤول عما ينطوي عليه قراره، وبالتأكيد الطريقة التي قدمها للجمهور كانت على أقل تقدير جدُّ غريبة.