السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لبْنِنة «العراق.. و»تعريق" لبنان

استنسخ العراق وبتوجيهات ضاغطة من قبل الحاكم الأمريكي بول بريمر وبمباركة إيرانية، بعد 2003، التجربة اللبنانية في فرض محاصصة طائفية بغيضة على العملية السياسية، وهو ما عرف بـ«لبننة» العراق، مع الفارق أن المحاصصة في العراق ليست طائفية وحسب بل قومية أيضا، حيث فرضت هذه «اللبْننة» ان يكون رئيس الجمهورية كرديا ورئيس الوزراء شيعيا ورئيس البرلمان سنيا، وأن تُقسَّم المناصب الحكومية والعسكرية والدبلوماسية بين هذه الطوائف، على أن يتم ترضية بقية الأديان والقوميات بمناصب ثانوية.

فالمعروف في لبنان ان يكون رئيس الجمهورية مسيحياًّ ورئيس الوزراء سنياًّ ورئيس البرلمان شيعياًّ، أو بالأحرى أن يكون رئيس البرلمان نبيه بري، كما يحلو للبنانيين أن يسخروا من هذه اللعبة الطائفية المقيتة. هذه المحاصصة التي كانت قد وضعت العملية السياسية في لبنان في مستنقع راكد لعقود طويلة نتجت عنها عمليات فساد وحروب أهلية وانقسامات مجتمعية طائفية، وجاء تأثير المحاصصة الطائفية ــ القوميَّة أكثر تخريباً في العراق.

الفرق الوحيد بين التجربة اللبنانية ومثيلتها العراقية هو: أن الدستور اللبناني كان واضحا في اقرار هذه المحاصصة، بينما كذب الدستور العراقي عندما نص على أن «من حق أي مواطن أن يرشح نفسه لأي منصب»، وهذا لم ولن يعمل به طالما بقي الوضع على ما هو عليه.


أما نقاط التشابه بين التجربتين فلا تحصى، حيث الفساد الإداري والمالي، وغياب فرص العمل، وتحكم إيران بمقدرات البلدين من خلال الأحزاب والميلشيات الموالية لها، وخراب البنى التحتية، وغياب الاستثمارات، وما ينتج عن كل هذا من زيادة نسبة الفقر وخلق طبقات من أثرياء السلطة.


مقابل«لبننة» السياسة العراقية جاء«تعريق» المظاهرات اللبنانية، فالتظاهرات التي انطلقت قبل أسبوعين في العراق مطالبة بحق الشعب بحياة كريمة ومحاسبة الفاسدين وانهاء المحاصصة، سرت مثل النار في الهشيم في لبنان، التي تشهد احتجاجات كبيرة ضد الحكومة، لكن الفروق كبيرة بين مظاهرات العراق ومثيلتها في لبنان، حيث أيَّد الجيش اللبناني حركة الاحتجاجات الشعبية، بينما وجهت السلطات الأمنية وميليشيا الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني فوهات بنادقها نحو صدور المتظاهرين لقمع حركتهم، مما تسبَّب بمقتل أكثر من مائة وجرح ما يزيد عن ستة آلاف متظاهر، كما حاولت الحكومة اللبنانية وأحزابها دراسة مطالب المتظاهرين، بينما كذبت الحكومة والبرلمان العراقي على المواطنين من خلال وعود كاذبة لم ولن تتحقق.

استنسخ العراق بتوجيهات بول بريمر وبمباركة إيرانية، بعد 2003، التجربة اللبنانية