الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كل شيء ينتهي إلى لاشيء

منذ وعيت وأدركت لم أر أو أسمع أو ألمس أي مردود أو ثمرة إيجابية للمظاهرات، والوقفات الاحتجاجية، والاعتصامات في أي دولة عربية.

السودان هو الاستثناء الوحيد ربما لاختلاف جيد في تركيبة الشعب السوداني، لم تقدم المظاهرات والاحتجاجات في الدول العربية سوى الخراب والدمار والدماء والقتلى والرعب والتخلف، ثم تبدأ الدول من الصفر وتنتهي إلى الصفر حدث هذا ويحدث وسيحدث في مصر والعراق ولبنان وسوريا واليمن وليبيا وتونس والمغرب والجزائر وفلسطين، تبدأ المظاهرات بكل شيء وتنتهي إلى اللاشيء.

تبدأ ربيعا وتنتهي خريفا ونارا تأكل الأخضر واليابس، ثم لا شيء سوى هتافات وشعارات وحناجر، ثم قتلى يقال عنهم شهداء!، التخلف هو العنوان الرئيس الذي يندرج تحته كل الفعل العربي، مظاهرات متخلفة وانتخابات متخلفة وإرادات مزورة ومنتفعون ومحترفو فوضي يركبون الموجه ويوجهون الجموع المتخلفة إلى حيث يريدون.


المظاهرات في الغرب معلم سياحي يمكن أن تزوره وتستمتع به وأنت آمن على نفسك، فلا تكاد ترى مصباحا كهربائيا تعرض للكسر، أما عندنا فإن المظاهرات تجسيد حي للعصبية والفوضى والتخلف والقبلية والطائفية، وترى فيها أجندات ولافتات متناقضة وسلوكيات متدنية وأفعالا يندي لها الجبين، والوطن ليس في رأس أي فريق من هذه الكائنات السائبة.


مظاهرات الغرب مأمونة لأن سقفا واحداً يظلها وهو الوطن، أما مظاهرات العرب فإن مئات الأسقف تظلها إلا سقف الوطن سقف الإخوان أو سقف السلفيين أو سقف الملالي أو سقف الطائفية والقبلية، أو حتي سقف العمالة والخيانة، لذلك ينشط الإخوان، ومن والاهم من مرضى الطائفية والقبلية في هذه الأجواء الغائمة حتي المظاهرات التي قيل أنها نجحت مثل مظاهرات الخريف العربي، لم تسقط أنظمة حكم وإنما أسقطت أوطانا بأكملها ومحتها من الوجود.

ومازالت الدول التي سقطت تبحث عن مخرج ونهوض بلا جدوى فتراها تخرج من مأزق إلى آخر، وحتي إذا رحل النظام فإن الشعوب باقية بتخلفها وتعصبها وتطرفها، لدرجة أنك يمكن أن تقول إنه لا يوجد رأي عام عربي يمكن قياس اتجاهه نحو أي قضية، وأن كل الإحصاءات واستطلاعات الرأي (مفبركة) وفاشلة، فلا يوجد رأي واضح أو بوصلة دقيقة وإنما هي فوضى عامة وشاملة وانفعالات جامحة، لا يمكن التعويل عليها أو الأخذ بها في إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات، لذلك أرى أن كل شيء في هذه الأمة ينتهي إلى لا شي.!!