الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

هزيمة إيران في العراق ولبنان

في ظاهرها تبدو الاحتجاجات الشعبية التي تشتعل في العراق ولبنان ويزداد سعير نارها ضد حكومتي البلدين وأحزابهما السياسية، لكن من يتعمق بقراءة جوهر هذه الاحتجاجات سيتأكد أنها انتفاضة حقيقية ضد إيران، وتدخلاتها في بغداد وبيروت بسبب تشابه التجربتين السياسيتين هنا وهناك، والأهم من هذا هو تحكم طهران بالأوضاع السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية من خلال عملائها من أحزاب سياسية، وميليشيات، وسياسيين متنفذين في كلا البلدين.

فالأحزاب المتنفذة في العراق ولبنان وقادتهما مثل حزب الدعوة وميلشيات بدر والعصائب وحزب الله العراقي وكتائب خراسان، وحزب الله اللبناني ومنظمة أمل، إضافة الى سياسيين عراقيين ولبنانيين تحولوا إلى مجرد دمى خيوطها بيد قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الذي تفاخر ذات مرة قائلاً: «أنا أحكم العراق وسوريا ولبنان واليمن».

بالأمس كانت هناك فضيحة سياسية عراقية عندما تقاطر أكثر من نصف الحكومة لتقديم التعازي لزعيم ميليشيات العصائب الموالية لإيران قيس الخزعلي لمقتل أحد قادته على أيدي متظاهرين لتورطه بقتل أكثر من 12 شاباً أعزل، بل كان من بين المعزين وزيرا الداخلية والدفاع والثقافة ورئيس البرلمان ومجموعة من السياسيين والصحافيين، بينما أهمل هؤلاء دماء أكثر من 200 متظاهر قتلوا برصاص الميلشيات والعناصر الأمنية، ولم يقدموا لعوائلهم كلمات تعزية أو اعتذار، وهذا ما زاد من غضب المتظاهرين واتساع موجة الاحتجاجات التي دخل على خطها طلبة المدارس الثانوية والجامعات والمعلمين.


ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران، وعلى لسان زعيمها أبو مهدي المهندس، هددت علناً بالتدخل لفض الاحتجاجات بالقوة لإنقاذ النظام، أي لإنقاذ النفوذ الإيراني في العراق، تماماً مثلما كان حسن نصر الله قد هدد بفض اعتصامات لبنان رافضاً استقالة الحكومة كي يستمر التدخل الإيراني على ما هو عليه.


انتصار المتظاهرين في العراق ولبنان حتى اليوم، يعني بالتأكيد هزيمة إيران ونفوذها في البلدين، وإذا ما نجحت هاتان الانتفاضتان الشعبيتان في تغيير النظامين العراقي واللبناني فهذا بالتأكيد سيؤدي إلى انتصارهما على إيران، لكن السؤال الأهم هو: هل ستسمح إيران بانتصار هذه الاحتجاجات وتتخلى بسهولة عن سيطرتها على العراق ولبنان؟.. أشك في ذلك، لكني بذات الوقت مؤمن بإرادة الشعوب في رسم مصائرها، وكما قال الشاعر أبو القاسم الشابي:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر