الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

البغدادي وقبله أسامة.. المهم جسد الإرهاب

يبدو أن الولايات المتحدة قررت أن تكتفي بتتبع قادة الإرهاب وتقوم بتصفيتهم، أما باقي الإرهابيين وعملياتهم فأمرهم متروك للحكومات المحلية وأجهزة الأمن المختلفة، في عام 2011 قامت وحدة أمريكية بتصفية أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وأعلن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الخبر بنفسه، وفي مذكراتها شرحت هيلاري كلينتون الكثير من تفاصيل العملية، وأهمها أن الوحدة الأمريكية انتهكت سيادة باكستان، فقد اخترقت الطائرات أجواءها ونفذت العملية على أرضها دون استئذان باكستان أو إحاطتها علماً، وذكرت كلينتون وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية أنهم تخوفوا أن تفشي المخابرات الباكستانية الخبر وتبلغه إلى بن لادن، كانت الإدارة الأمريكية تشك في أن أفراداً بالمخابرات الباكستانية يساعدون بن لادن.

وفي عهد الرئيس ترامب تم تصفية حمزة بن لادن خوفاً من أن يكرر مسيرة والده، ثم جرى الآن ما جرى مع زعيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، ولم تتضح بعد كثير من تفاصيل العملية، وتطرح أسئلة من مثل: هل قتل البغدادي أم أنه انتحر قبل أن تصل أيدي القوات الأمريكية إليه؟

سوف نلاحظ أن بن لادن كان في حالة شبه اعتزال وابتعاد عن الميدان حين قتل، فقد ضرب ضربته الأخطر في 11 سبتمبر، وما جاء بعد ذلك مجرد عمليات صغيرة، الأمر نفسه بالنسبة للبغدادي، فقد بدأ تنظيمه في التشظي، وتعرض لعمليات تمرد ومحاولة اغتيال من داخل التنظيم.


في ربيع هذا العام، كان من الواضح أن الولايات المتحدة تبحث عن القيمة الرمزية للاسم والعملية على الأرض، وهي مهتمة برؤوس الإرهاب دون الجسد الفاعل ذاته، بل إنها أحياناً تتغاضى عن هذا الجسد، وهذا يمكن أن يفسر لنا خلفية انتشار الإرهاب وتشظي خلاياه، فنجده في فرنسا وفي هولندا وغيرها من بلدان أوروبا، ثم نجده يمتد إلى وسط وشرق أفريقيا، ناهيك عن تواجده في عدد من البلدان العربية.


الإرهاب الآن يعمل بنظام الذئاب المتفردة والخلايا العنقودية، والتجنيد يتم عبر الانترنت، لذا فإن وجود زعماء مثل بن لادن أو البغدادي لم يعد له تأثير كبير، أصبح كل شاب يعتنق الفكر الإرهابي زعيماً لنفسه ومع نفسه، لذا فإننا يجب ألا نعول كثيراً على إزاحة الزعماء الكبار للإرهاب، فالمهم جسد الإرهاب وبناه التحتية التي تتكاثر في عالمنا وفي منطقتنا، وبلادنا تحديداً.

ولذا فإن مقاومة الإرهاب واجتثاثه دورنا نحن أبناء المنطقة التي يريد الإرهاب تدميرها، وجرها إلى عصور الطوائف والدويلات الصغيرة.