الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

قُتِل البغدادي.. وبقي الإرهاب

وردت الأنباء من البيت الأبيض حول مقتل البغدادي، مثلما وردت ذات يوم عن مقتل أسامة بن لادن، ففرحت عواصم صناعة القرار ووسائل إعلامها بالبشرى، وهللت لما أسمته النصر المبين.

بينما الشعوب في المنطقة المستهدفة إرهابياً، وتحديداً منطقة الشرق الأوسط، وعموماً العالم العربي والإسلامي، لم تتجاوب كثيراً مع الحدث، واعتبرته خبراً عادياً، لأنها هي وحدها تدرك أن البغدادي هو مجرد اسم، تأتي بعده عشرات الأسماء، وبعبارة أخرى إنه أمير إرهابي، وسوف يخلفه عشرات من أمراء الإرهاب.

فمنذ تسعينات القرن الماضي في الجزائر، ووصولاً إلى مقتل البغدادي، ومروراً بمقتل أسامة بن لادن، كم أمير قتل، وكم جماعة إرهابية فُككت، وكم مخازن للأسلحة دُمرت، وكم من جماعات إسناد تم القضاء عليها، وكم من سياسات اتبعت، وكم من قوى أجنبية تدخلت، لكن لغاية اليوم لا يزال الإرهاب قائماً ويشكل تهديداً حقيقياً لكيان كل دولة مستهدفة، ولكيان الأمة العربية الإسلامية برمتها.


إن القضاء على الأمراء لا يقضي بالضرورة على الإرهاب، فقد قضي قبل البغدادي على بن لادن، والزرقاوي، وقضي على العشرات، بعضهم ذوي صيت عالمي والبعض صيته محلي.


وبعد مقتل كل أمير، تظهر جماعة إرهابية على يوتيوب أو فيسبوك، تتلو بيان مبايعة لأمير إرهابي جديد، ثم تتبعه بذكر خصاله وأهميته في التنظيم والجماعة.

وبعد ذلك تحدث عمليات إرهابية، تنسب له أو لجماعته، ويصبح من جديد مطلوباً من قبل البيت الأبيض حياً أو ميتاً، وتخصص المكافآت لمن يسهم في القبض أو القضاء عليه.

هذه هي الأسطوانة لحد الآن، يقضى على الأمراء ويبقى الإرهاب، ومثلما قيل «مات الملك عاش الملك» فكذلك «مات البغدادي عاش البغدادي».

أما الإرهاب، فلا تزال عوامل تفريخه قائمة، من جيوب الفقر، وسوء إدارة شؤون الحكم، ومستوى الوعي الاجتماعي، وسوء المعيشة، وسيطرة النموذج الغربي على الذهنيات، وصولاً إلى التواجد الأجنبي عسكرياً في مناطق التوتر، كل هذه العوامل تولد الفكر الجهادي، وتنتج الإرهاب والأمراء.

وفضلاً عن ذلك، لا تزال بعض المعطيات تثير التساؤلات بدون أن تقدم إجابات مقنعة، حول وجود الإرهاب في العالم العربي والإسلامي تحديداً، وخاصة في المناطق الغنية بالثروات الطبيعية مثل: البترول والغاز واليورانيوم، وهي المناطق التي تدخلت فيها القوات الأجنبية، ومنذ سنوات لم تتمكن هذه القوات من القضاء على الإرهاب، رغم وجود قواعد عسكرية كاملة وليس مجرد وحدات!