الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

لبنان.. سلمية الانتفاضة والمسؤولية الوطنية

لعل أكثر ما لفت انتباه معظم من تابع المظاهرات الشعبية السلمية في لبنان، هو استنهاض الروح الوطنية لدى جميع الطوائف اللبنانية، التي قررت – وبعد صبر دام ثلاثة عقود – المطالبة بحقوقها واستعادة لبنان من براثن الطائفية والفساد والدمار.

ويبدو أن اللبنانيين أبوا أن تمر مظاهراتهم دون مسحة احتفالية وتطوعية تحمل الكثير من الحميمية والمسؤولية الوطنية، وقد تكون هذه المرحلة مؤثرة جداً في الوقت الراهن من حيث عرض المطالبات والحقوق – المعروفة سلفاً – واستجماع القوى لوضع حل نهائي للكوارث الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، لكن التكهنات حول جدية المعالجة الجذرية لهذه الكوارث ليست إيجابية.

فرغم استقالة عدد كبير من الوزراء من مناصبهم، ثم استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من أجل تهدئة الأوضاع، إلا أن الشعب يرى أن السلة القديمة غير قادرة على فعل ذلك بعد غيبوبة طويلة تلتها صحوة مُرة ومدوية، واجهتها مقاومة من حزب الله الذي أعلن بشكل صريح ومباشر أن إسقاط العهد أمرٌ غير وارد، وهوما أثبت فشله، خاصة حين اعتقد أن الحل البديل هو تبني الحكومة الحالية لمنهجية جديدة، الأمر الذي يراه اللبنانيون إصلاحاً شكلياً بلا طائل، إذ إن عودة الفساد واستنزاف موارد البلد مجدداً أمر محتمل ووارد جداً متى ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً.


وبين النزاعات الداخلية في هذا البلد الفسيفسائي الجميل، يطرح السؤال الآتي: متى يتعافى لبنان ويعود منارة مضيئة كما عهدناه؟.. لبنان الفن والأدب والعلم والحضارة.. ومتى تنقشع عنه السحب السوداء التي لا تُمطر إلا شقاقاً وفساداً؟، ومتى تلتئم جراح كل رجاله ونسائه وأطفاله، الذين افترشوا أرض الشوارع وتوسّدوا أحلامهم بعهد جديد يليق بوطنيتهم وإنسانيتهم؟