الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

مستقبل «داعش» الإرهابي

بعد مقتله في غارة أمريكية استهدفت المكان الذي كان يختبئ فيه بمحافظة إدلب، يطرح السؤال الآتي: هل نهاية أبو بكر البغدادي تعني نهاية التنظيم الإرهابي الذي شغل الرأي العام العالمي، لأزيد من خمس سنوات، بعد احتلاله الأرض وتجنيده لأزيد من 42 ألف مقاتل من 120 دولة؟

التاريخ يقول إن مقتل القادة لا يعني نهاية التنظيمات، وإلا كان مقتل بن لادن قد قضى على تنظيم القاعدة، أو كان مقتل أبو مصعب الزرقاوي قد أسقط تنظيم القاعدة في العراق، وأنهى فكرة تأسيس «الدولة الإسلامية»، التي استكملها البغداديون، مستلهمين فيها روح الزرقاوي.

إن مقتل البغدادي لن يعني سوى أننا سندخل مرحلة جديدة من الإرهاب، ربما ستكون أكثر تشدداً من سابقاتها. فالعنف داخل التنظيمات المتطرفة والإرهابية في منحى تصاعدي منذ تأسيس جماعة الإخوان وما خرج من رحمها من تنظيمات «جهادية» ووإرهابية، فقد كان سيد قطب أكثر تشدداً من حسن البنا، وبن لادن أشد من سيد قطب، وأيمن الظواهري أكثر تشدداً من بن لادن، وأبو مصعب الزرقاوي أكثر عنفاً من الظواهري، والبغدادي أكثر دموية من الزرقاوي، و«الخليفة الثاني» لـ«داعش» ربما سيكون أكثر وحشية من خليفته الأول. إن مقاتلي داعش الإرهابي منهم من هو مختبئ في سوريا والعراق، ومنهم من هاجر خارجهما أو عاد خلسة لوطنه، وقد أقسموا جميعاً على مواصلة القتال من خلال ما وصفوه بـ «حرب استنزاف».


«داعش» هو أيضاً أيديولوجية اعتنقها الآلاف حول العالم، هيكلية تنظيمية ومجالس شورى وفروع موزعة في مناطق مختلفة، كلها بايعت فكرة «الخلافة»، بغض النظر عن «الخليفة».


وهذا ما يجعل الادعاء بنهاية التنظيم أمراً سابقاً لأوانه، فـ«داعش» يمكن أن يختفي بعض الوقت، إلى أن يعيد ترتيب بيته الداخلي ويعين زعيماً جديداً، لكنه لن يختفي للأبد، خاصة أن الأسباب والفوضى والاضطرابات التي أدت إلى ظهوره لا تزال قائمة، ولا يزال قادراً على مباغتة «العدو».

عندما أعلن رئيس الوزراء العراقي، في 2017، نهاية التنظيم في العراق، نفذ في 2018، 1767 هجوماً.

وعندما قال دونالد ترامب، مطلع 2019، إنه قضى عليه في سوريا، نفذ التنظيم 502 هجوم، في شهرين فقط، خارج المنطقة التي كان محاصراً فيها.

«داعش» لم ينته بعد، وإن لم يتحد العالم من أجل القضاء على الأسباب التي أدت لظهوره، فسوف يبعث من جديد، وربما بشكل أكثر وحشية مما سبق.