السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

زوال القوى العالمية

بعيدًا عن الجغرافيا السياسية التي تتابع الخلافات الاستراتيجية والدبلوماسية الدولية، أو محاولة حل الأزمات الداخلية للجماعات المضطهدة والأقليات، يبدو أن ما يثير الاهتمام هذا الأسبوع هو الأزمات الاقتصادية وسوء الإدارة والتسيير.

ولذلك دعونا نتخلى عن موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لبعض الوقت، فهو أكثر من أي موضوع آخر، يُظهرعجز النخبة السياسية في بريطانيا، رغم الديمقراطية الأكثر تجذراً في العالم، وفي الوقت نفسه، الهيكلة السيئة للمؤسسات الأوروبية، التي يتم تسخيرها من قبل البريطانيين.

هذا الأسبوع، تم تبديد المخاوف الواردة من أمريكا اللاتينية، أي تشيلي والأرجنتين، ومن جنوب صحراء أفريقيا، من الكونغو إلى غينيا، وفي الشرق من العراق ولبنان.


في تشيلي، قوبلت المظاهرات الجماهيرية المترتبة على أوضاع اقتصادية متردية ويأس المواطنين، بقمع عنيف من قبل رجال الأمن، بينما في الأرجنتين، من غير المتوقع أن تؤدي الانتخابات الرئاسية إلى حل للأزمة الاقتصادية العميقة، حيث يعد انهيار الاقتصاد في التشيلي والأرجنتين، واللذان يعتبران اقتصادان رئيسان في أمريكا اللاتينية علامة على عدم اليقين، خاصة في أعقاب الكارثة الفنزويلية، على الرغم من بُعد هذه البلدان عن الشرق الأوسط، حيث ينبغي اعتبار غرق هذه الاقتصادات ومجتمعاتها المتقدمة دليلاً واضحاً على ضعف الحكم الديمقراطي.


وعلى مقربة منا، فإن إقامة الديمقراطية في أفريقيا لا تزال هشة ولا تحمل أي دلالات ومؤشرات على نجاح منهجها في التسيير والحكم، في حين أن البطالة تنمو في مجتمعات أكثر تحضراً تبنت هذه الديمقراطية.

وفي الوقت الذي يتزايد فيه تدفق الموارد الطبيعية الأفريقية، يزداد عدم الاستقرار السياسي واللاأمن، حيث تهدد الجماعات المسلحة سكان الأرياف، وهذا يدل على عدم قدرة الانتشار العسكري الأجنبي والمحلي على مواجهة والرد على هذه التهديدات التي يتعرض لها السكان المحليون على مدار عقود من الزمن.

وتصطف الاضطرابات الشعبية في الشرق الأدنى، التي تقود اللبنانيين والعراقيين لرفض أنظمتهم السياسية «الشريرة»، ومؤيديهم وأذرعهم في دواليب السياسة، كما لا ننسى الجماهير السودانية والجزائرية في مطالبهم بالحكم الراشد والتشاركية السياسية في تسيير موارد الدولة.

من جهة أخرى، فإن إعلان وفاة أبوبكر البغدادي في هذا الصدد ليس حدثاً، حيث إن تحرير مجموعة من الدول من التدخل الإيراني يجب أن يفتح الطريق أمام المصالحة الداخلية لهذه المجتمعات، وإعادة تأسيس وترسيخ الحكم على أسس سليمة ومتوازنة.

وخلاصة القول: إن هذه التطورات المنفصلة مترامية الأطراف من هونغ كونغ إلى سانتياغو دو تشيلي، عبر بيروت وبغداد، هي علامات نهاية القوى العالمية، وتزايد الديناميات المحلية والإقليمية، في البحث عن طرق جديدة لإدارة المجتمع في عصر المعلومة الجماهيرية المنتشرة بسرعة البرق.