الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«بندول داعش».. والتأرجح بين قطبين

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النصر على تنظيم داعش الإرهابي في خطاب متلفز أذيع صباح يوم الأحد 27 أكتوبر الماضي، بعد مقتل أبو بكر البغدادي، خلال غارة شنتها القوات الخاصة الأمريكية في الليلة التي سبقت الخطاب.

كما أكد تنظيم داعش ما صرح به دونالد ترامب، في رسالة صوتية صدرت من خلال ممثله الإعلامي التابع لشركة الفرقان في 31 أكتوبر، وفي هذه الرسالة المسجلة أعلن الناطق الجديد باسم أبو حمزة القرشي، تعيين أبو إبراهيم الهاشمي القرشي قائداً جديداً للتنظيم الإرهابي.

إن القصة تطول.. فلقد انتهى ودٌحر تنظيم داعش في العراق وسوريا، على الأقل بالنسبة للجزء الأكبر من هذه الأراضي، ومع ذلك لا تزال إغراءات داعش في أذهان الشباب المغتربين في جميع أنحاء العالم، وإن كانت بدرجة أقل مما سبق.


لدى تنظيم داعش وجهان، الأول شبيه بدولة مع كيان إقليمي تحت حكمه وتسييره، حيث يزدهر وينتشر كالطاعون كدولة في سياق الانقسامات العرقية العميقة، أو انعدام الثقة على نطاق واسع في المجتمع، فضلاً عن خلل في أداء الحكومات المركزية، أو حتى بدعم أو مساعدة ضمنية من جانب قوى خارجية تحاول زعزعة استقرار دول أخرى، أما إذا أضحت الحكومات المحلية أكثر فاعلية وتعاونت مع القوى الإقليمية والقوى العظمى، فلا يمكن لداعش الحفاظ على حكم أي إقليم لفترة طويلة، وبالتالي سيعود إلى ما يشبه جماعة مشتتة.


أما الوجه الآخر فهو الإيديولوجيا التي يتم من خلالها التحريض على أعمال العنف الطوعية بين الشباب الساخط على الأوضاع في بلاده، بحكم طبيعته وهيكلته التي تميل إلى عدم المركزية، حيث يقوم المتشددون بالتعبئة ويدعون إلى أعمال إرهابية باسم الجهاد، وحتى إذا كان عدد الأشخاص الذين يحملون السلاح استجابة لهذه الدعاوى، في السياق العالمي قليلون في العدد، فإن هناك كتلة كبيرة من الناس الذين يشكلون «الغوغاء» سهلة الانقياد تعتبر مادة دسمة لمثل هذه الخطابات، خاصة في ظل ظروف مختلفة يصعب التحكم فيها.

لذا فقد يكون من المفيد فهم الآلية الأساسية لنظام داعش الإرهابي، باعتباره نقطة تحول بين هذين القطبين، كيان إقليمي وكأيديولوجيا تلعب بعقول العامة والشباب بوجه الخصوص.

الآن، تم طمس تواجد داعش تقريبًا من العراق وسوريا، حيث يتأرجح «البندول» إلى الجانب الآخر، أي كأيديولوجيا تقريبًا، لكنها ليست دائمة، وسيحين وقت دحضها.

إن الفراغ في السلطة الناجم عن التنافس الإقليمي عليها، والذي ينبع من صعود إيران كقوة مهيمنة، قد يٌحول مرة أخرى تأرجح البندول نحو الطرف الآخر، والذي قد تؤدي النية غير المقنعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤيد للابتعاد عن الصراع في الشرق الأوسط إلى تسريع هذه الحركة.