الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مودي في المملكة

مشاركة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في المؤتمر الثالث لمبادرة مستقبل الاستثمار أو ما سمي بـ «دافوس الصحراء» في المملكة العربية السعودية في 29-30 أكتوبر الماضي، جاءت في لحظة تاريخية حاسمة لكل من الهند والمملكة العربية السعودية.

لقد كانت العلاقات بين البلدين في الماضي أشبه بعلاقة البائع والمشتري، حيث شكل النفط العنصر الأساسي والأكبر في التبادل التجاري بين البلدين البالغ حجمه إلى 27.48 مليار دولار في عام 2018.

ولكن حاليا المملكة وتحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، تحرص على تنويع تعاملاتها مع العالم وتعميق أواصرها مع كبرى القوى العالمية مثل الهند، إدراكاً منها بضرورة تنويع مصادر الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد الكلي على النفط، نظراً لبروز مصادر بديلة للطاقة المتجددة.


ومن هذا المنطلق وفي إطار رؤية 2030 تحرص المملكة على تحويل اقتصادها كلياً بالتركيز على قطاعات التصنيع، والتكنولوجيا، والخدمات، ويقتضي ذلك ربط الصناعة السعودية بسلاسل الانتاج العالمية، وإعداد كوادر وطنية مؤهلة تتناسب وَمقتضيات القرن الحادي والعشرين.


والهند باعتبارها سوقاً عملاقة تقدم فرصاً رائعة للاستثمار، وفعلاً تعهدت المملكة باستثمار حوالي 100 مليار دولار في الهند في مجالات الطاقة، والتكرير، والبتروكيماويات، والبنى التحتية، والزراعة، والمعادن، والتعدين، وغيرها.

وعلى خلفية ذلك تتخذ مشاركة مودي في مؤتمر دافوس الصحراء أهمية قصوى، نظراً لحرص الجانبين على تحويل العلاقات بينهما إلى شراكة استراتيجية شاملة، وقد وقَع الجانبان على 12 مذكرة تفاهم للتعاون في شتى المجالات، وعلى رأسها اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

أما بالنسبة للهند فتشكل المملكة بلداً ذا أولوية استراتيجية فائقة، حيث تستورد الهند من المملكة نحو 800 ألف برميل من النفط يوميا، ويتوقع أن يزداد الطلب على النفط السعودي إلى 2.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040.

وفي خطابه الرئيسي في مؤتمر دافوس الصحراء أكد مودي أن الهند تنوي استثمار 100 مليار دولار في مجالات التكرير، وخطوط الأنابيب، ومحطات الغاز بحلول عام 2024، وكما أشاد بقرار شركة آرامكو السعودية باستثمار 44 مليار دولار في مصفاة راتناغيري، كما أكّد عزم الهند على إنتاج 450 غيغاوات من الطاقة المتجددة تلبية لاحتياجات الشعب المتنامية من الطاقة، ما يمثل مجالاً حيوياً وجاذباً للاستثمار.

ونظراً لمكانة المملكة الدينية في العالم الإسلامي، وموقعها المتميز في الاقتصاد العالمي، واحتضانها جالية هندية كبيرة، وقوة الهند الناشئة عالمياً فإن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين لا بد أن تعود بنفع على الجانبين.