السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

العراق.. ما بعد الإسلام السياسي

فسّر جميع خبراء الخطاب السياسي العراقي رفض مرجعية النجف تدخل أيّ طرف اقليمي أو دولي وفرض رأيه على العراقيين، بأنّ إيران هي المقصودة بالطرف الإقليمي، لاسيما بعد تأكد اجتماع اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني بزعماء أحزاب ومليشيات في العراق، ومطالبتهم بدعم حكومة بغداد، واصطف معه في الموقف التحالف الكردستاني الذي يلعب دور بيضة القبّان في المعادلة الآن.

رفض كبير في الشارع العراقي لأي تدخل إيراني مهما كان نوعه، استناداً إلى قناعة العراقيين في أنّ الاحزاب التي تقاسمت ثروات البلاد كانت مدعومة على طول الخط من جهة واحدة هي طهران، التي أفادت من تلك الأحزاب في التعبئة العسكرية، وارسال مليشيات من مواطنين شيعة عراقيين إلى سوريا واليمن للقتال، تحت شعارات طائفية ومقابل أموال دُفعت من الخزينة العراقية أحياناً ومن إيران أيضاً، بما يخالف الدستور العراقي، وتلك مسألة أخرى من أدلة التدخل الموثق القابل للمساءلة القانونية والدستورية.

المرجعية الشيعية في النجف اتخذت دائماً موقفاً متوازناً ينسجم مع الوحدة الوطنية في العراق، وعانت من الاستغلال السياسي التعسفي لعنوانها الديني في المنازلات السياسية من انتخابات وتشكيل حكومات واتخاذ مواقف سياسية لبعض القضايا الخلافية، بالرغم من اعلانها المستمر أنّها بمنأى عن الشأن السياسي وليس لها سوى إسداء النصح بما يخدم مصالح المواطنين واستقرار البلد، غير إنّه يبدو أنّ عدم ادانة المرجعية لعناوين وأسماء فاسدة بعينها ترك تململاً ما لبث أن تفجر غضباً في الشارع.


الآن تستشعر المرجعية أكثر من سواها بثقل النفوذ الإيراني الذي استهدف استقرار الشارع الشيعي تحديداً في العراق، وهو ينعكس سلباً على المرجعية في النجف.


المزاج العام لحركة المحتجين هو الاتجاه إلى أي تشكيل ذي طابع مدني غير مرتبط بأية خلفيات من الإسلام السياسي.

إنّ الإطار العام هو انتقال العراق إلى مرحلة ما بعد الاسلام السياسي، بعد أن كانت حصيلة معاناة العراقيين الأقسى في الخسائر البشرية والمادية منذ قيام الدولة في عشرينيات القرن الماضي.

الاسلام السياسي ساعد في تغذية التقسيمات الطائفية في كل التفاصيل، فأصبح المجتمع هشّاً، فضلاً عن مؤسساته الحكومية التي غدت حصصاً إقطاعية تابعة لعناوين جزئية في الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسُنّي لا فرق.