الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

انهيار الشرق الأوسط.. الإنذار!

يعتبر انسحاب الجيش الأمريكي من سوريا ومنح شيك أبيض لأردوغان من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتدخل في المنطقة دعامتين لشنّ تركيا حربها العرقية التطهيرية ضد الأكراد، الذين لعبوا دورا مركزيا في الإنهزام العسكري لداعش.

وقد حدث هذا الهجوم أيضا باتفاق تركي - سوري عبّر عنه اللقاء الذي جمع مابين بوتين وأردوغان في 22 أكتوبر بسوتشي، حول موضوع تقسيم سوريا بين الطرفين.

تعتبر روسيا سيّدة سوريا لأنها تحمي حياة بشار الأسد وتراقب المجال الجوّي، وتقوم بدوريات للمنطقة الأمنية الموكولة لأردوغان رفقة القواة السورية والتركية، و تعتبر الآن القوة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تستند إليها السعودية وإسرائيل.


لقد حقّق أردوغان كلّ أهدافه، إذ أصبح يلحّ على إحداث منطقة عازلة شمال سوريا لسحق الأكراد وتعويضهم بدعم الصندوق الأوربي باللاجئين السوريين، كما عمل على إيقاض الشعور الوطني التركي، وإعادة الشرعية لسلطته السياسية التي تزعزعت بفعل الأزمة الاقتصادية والإجتماعية، وفشله في انتخابات بلدية إسطنبول فضلا عن بروز تصدّعات داخلية في حزبه.


وتحصينا لطموحاته في المنطقة، أعلن عن نواياه في اقتناء الأسلحة النووية والصواريخ الاستراتيجية، انطلاقا من البرنامج المدني الذي خُصّص له 20 مليار دولار بدعم روسي، فضلا عن ممارسة أنشطة سرّية بتنسيق مع الشبكة الباكستانية (عبد القادر خان).

لكن لا ننسى أن المستفيد الثالث من تدخل تركيا هو داعش الإرهابي الذي لم يَزُل، ولو بعد مقتل البغدادي، لأن وجود 10 آلاف أسيرا لدى الأكراد، سيتم تحريرهم في أفق التعاون مع المنفييّن المدنيين والمقاتلين في العراق لخلق فضاء انبعاث خليفة جديد لدولة الخلافة.

ان هدف ترامب، منذ انتخابه رئيسا، هو تركيزه على السياسة الداخلية لأمريكا بالعمل على إرجاع الجنود الأمريكيين الذين يخوضون الحرب ضد أفغانستان وسوريا والعراق إلى أمريكا، وبالتخلي عن السعودية من خلال عدم دعمها أمام إصرار إيران على مواصلة برنامجها النووي وهجومها المتعدد ضد ناقلات البترول في بحر عمان ومضيق هرمز، وإطلاقها للقذائف الإنسيابيّة التي عطّلت نصف إنتاج البترول في السعودية.

إن انسحاب أمريكا من المنطقة يخفي وراءه الرغبة في إنشاء هيكلة سياسية جديدة لأطوقراطية تفسح المجال واسعا للديمقراطية المزوّرة وللجهادية، كما تتحكم في الفضاء «عبر الاطسي» من خلال أوربا التي تشهد بداية ضعف واضحة وانقسمات تهدّد وحدتها.

إن الشرق الأوسط، اليوم، يعيش انهيارا متدرجا في ظل غياب زعامات قويّة، قادرة على صناعة التوازنات السياسية الداخلية والخارجية، وهذا ما اجتهدت فيه أمريكا لتنصيب قوى خارجية حامية بالمنطقة، تراقبها من بعيد دون تدخلات مباشرة كما كان شأنها في السابق.

أما أوروبا فلم تعد لها أي قوة لممارسة أي دور في المنطقة، نظرا لأزماتها الداخلية المتنوّعة. الشيء الذي جعلها تكتفي بلعب دور الوكيل الأمريكي بحثا عن مصالحها المستعجلة.