السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الباقورة والغمر.. العبرة بالخواتيم

بإعلان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين فرض السيادة الكاملة على كافة أراضي الباقورة والغمر، اللتين خضعتا لنظام خاص منذ توقيع اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل عام 1994، تكون السياسة الأردنية قد أنجزت استحقاقاً وطنياً بامتياز، وأكدت أن طريق السلام والدبلوماسية الهادئة قد يكون الطريق الأقصر لنيل الحقوق واستعادة الأراضي.

25 عاماً ليست شيئاً في عُمر الدول، إذ أعاد الأردن أراضيه إلى سيادته الكاملة، ودون المساس بأي من تعهداته الدولية، فقد نص ملحقا اتفاقية وادي عربة على تأجير المنطقتين لمدة 25 سنة من تاريخ دخول معاهدة السلام حيز التنفيذ، وتجدد هذه المدة تلقائياً لفترات مماثلة ما لم يُخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بإنهاء العمل بالملحقين المذكورين قبل سنة من تاريخ انتهاء العمل بهما.

أراضي الباقورة تقع شرق نهر الأردن في الأغوار الشمالية بمساحة تقدر بستة كيلومترات مربعة، فيما تقع أراضي الغمر جنوب الأردن ضمن محافظة العقبة وتبلغ مساحتها نحواً من أربعة كيلومترات مربعة، وأثناء مفاوضات السلام ادعت إسرائيل أن في المنطقتين أراضي زراعية تعد أملاكاً شخصية لإسرائيليين، وتم الاتفاق على تطبيق نظام خاص بهما لمدة 25 سنة، انتهى العمل به يوم الأحد الماضي.


الأردن الرسمي تحمّل الكثير طوال السنوات الـ 25 الماضية، وتغاضى عن حجم الأذى الذي لحقه جراء الحديث عن تفريطه بأراض أردنية، إلا أنه لم يُقدم على أي إجراء أو تصرف يُمكّن إسرائيل من الانقلاب على المعاهدة والتلاعب بها، فكان له ما أراد، إذ أن ما قام به من إنهاء للعمل بالملحقين قانوني تماماً وينسجم مع بنود الاتفاقية.


الأردن سجل موقفاً رصيناً في تعامله مع الاتفاقية وبنودها، وخاض معركته السياسية والقانونية بدبلوماسية وحنكة، ولم ينجرف وراء أي استفزازات قد تغير من واقع الحال، فلو قام بأي إجراء مخالف للاتفاقية لأعطى إسرائيل الفرصة للبقاء في الغمر والباقورة، إذ أن تل أبيب تعرف بأن عودة الأراضي سيكلفها الكثير على الصعيد الداخلي، واعتقد بأنها كانت تمني النفس بأحد الأمرين إما تجديد العمل بالمحلقين أو القيام بتصرف يمكن إسرائيل من الانقلاب على تعهداتها.

بالمحصلة، فإن عودة أراض محتلة إلى الوطن، حدث يكتسب أهمية كبرى لأي دولة، والأردن أثبت أن السلام والدبلوماسية قد يحققان ما لم تحققه الحروب.. والعبرة بالخواتيم.