الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ميزان إسرائيل بين حماس والجهاد الإسلامي

بعد يومين من تبادل النيران في غزة، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي عن هدنة في فجر يوم الـ14 نوفمبر، وبالرغم من تواصل تبادل إطلاق النار بين الطرفين طيلة صبيحة ذلك اليوم، فقد حصل الاتفاق على وضع نهاية لهذا الاقتتال الأعنف من نوعه منذ شهر مايو.

كان أكثر من 100 غارة جوية نتج عنها مقتل 34 فلسطينياً، 8 منهم من العائلة نفسها، لقد حدث هذا الاعتداء باتفاق مشترك غير مسبوق بين إسرائيل وحماس، وبتأييد من هذه الأخيرة التي لم يكن لها أي رد فعل ضد ما حدث، وهذا ما يفسر خروج إسرائيل لأول مرة عن قرارها السابق القاضي بمعاقبة حماس كلما حدث أي هجوم ضدها من غزة، وتركيزها على التنكيل استثنائياً بحركة الجهاد الإسلامي.

بعد هذه الغارات، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إضعافه لهذه المنظمة بمقتل أحد قيادييها (بهاء أبوالعطا)، الذي يعتبر الأكثر ذكاء وشراسة، ثم محاولة اغتيال أحد مسؤوليها السياسيين (أكرم العجوري) في دمشق عبر ضربة جوية استهدفت مقر سكنه.


بالرجوع إلى حيثيات الحرب، نلحظ أن (الجهاد الإسلامي) قد ركزت أهدافها على الحاجز الأمني بإطلاق حوالي 400 قذيفة قصيرة المدى، وتسديد طلقات عبر القناصة مع إطلاق صواريخ مضادة للدبابات، غير أن فشلها في ضرب أحد الأهداف الحيوية لإسرائيل قد أضر بصورتها ودلالة حجمها العسكري، على عكس ما كانت تدعيه من امتلاك قدرات عالية في مواجهة إسرائيل.


وقد استمر هذا الادعاء في عز المواجهات لمّا أعلن الكاتب العام للمنظمة زياد النخالة يوم الثلاثاء مساء في قناة الميادين، بمناسبة وجوده في مصر للتفاوض مع الأجهزة الاستخباراتية، أن الحركة قد أبانت عن قدرتها في شل حركة إسرائيل في غزة.

لم يكن بذلك يقدم الحقيقة، وإنما كان يناور من جهتين، من جهة حشد تعاطف مناصريه من سكان غزة الذين لا يعرفون الحقائق، ودون أي اكتراث جدي بأرواح مواطنيها، ثم من جهة محاولة تقوية حظوظه في الكسب من وراء المفاوضات، ولمّا قبلت منظمة الجهاد الإسلامي بهدنة غير رسمية بعد مفاوضات بوساطة مصرية لم يعلن عن مضمونها، كانت بذلك تسعى إلى محاولة كسب تخفيف الحصار المفروض عليها منذ 2007، ثم استخلاص الدروس مما حدث وإعادة ترتيب أوراقها في علاقتها بحماس وفي نظرتها السياسية ضد إسرائيل نفسها.

قبلت إسرائيل بهذه الهدنة لتتمكن مستقبلاً من اختراق الفصائل الفلسطينية، والتدخل بطريقتها في شؤونها من أجل خلق التوازن بينها واستقطاب حماس بتقويتها ضد الفصائل المنافسة لها باعتبارها أكثر راديكالية في مواقفها.

لكن السؤال الذي يبقى مطروحاً، هو: هل هدف هذه الغارات كان يرمي إلى تصفية قائد جهوي فقط، دون احتساب النتائج الوخيمة لهذه الغارات المتمثلة في شل نصف جنوب البلاد وإمكان نشوب حرب عامة؟