الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

العرب بين الحِوار والخُوار

لا نهاية للخلافات العربية، ولا يمكن أن يتصل العرب ويتواصلوا أو يتوصلوا إلى اتفاق، أبدو على يقين من هذا.. لماذا؟ لأن خلافات العرب دوماً على الذات لا على الموضوع، الخلافات حول أشخاص وجماعات وتنظيمات وطوائف وقبائل، لا حول قضايا أو موضوعات أو أفكار أو برامج.

حتى مفهوم العرب للديمقراطية قاصر ومتقزم ومحبوس داخل صناديق الاقتراع من أجل اختيار أشخاص لذواتهم لا لبرامجهم وأطروحاتهم وأفكارهم، وعندما يكون الخلاف على الأشخاص فلا تنتظر اتفاقاً على الإطلاق ولا جدوى من الحوار بين منتمين إلى أشخاص أو قبائل أو جماعات أو طوائف أو فرق كرة قدم.

ففي كرة القدم مثلاً.. لو أننا نتحاور حول أزمة الكرة أو الرياضة عموماً في أي دولة عربية فإن الاتفاق وارد، لأنها قضية وليست أشخاصاً أو أندية، أما الحوار حول أيهما أفضل من بين فريقين أو ثلاثة، فإنه حوار طرشان لا نهاية له فهو حوار حول الذات لا الموضوع.


كل دوائر العرب مراكزها أفراد وذوات لا قضايا، فهل هذا المسؤول أفضل أم المسؤول الآخر؟ ولا حوار حول ما إذا كان هذا الطرح أفضل أم ذاك، وفلسفة التغيير عند العرب أو فلسفة التطوير بمعنى أدق ترتكز على استبدال زوج مكان زوج، أو إزاحة شخص وتولية آخر أو إقالة مدرب وتعيين آخر، وهي دائماً طريقة البحث عن كبش فداء نضحي به بينما تبقى المنظومة والفكر والأساليب كما هي.


يتوالى الفشل وطريقة التعبئة والتغليف التي يهتم بها العرب كثيراً، تحسين الغلاف والعلبة بينما السلعة نفسها رديئة ومنتهية الصلاحية، ولم يحدث ولو مرة واحدة أن استبدال مسؤول مكان آخر آتى أُكله في أي دولة عربية، ولكنها دائماً عمليات تجميل قشرية فاشلة لوجه وجوهر قبيحين، كما أن استبدال الأشخاص عمل لا يحتاج إلى عبقرية وفكر ويمكن لأي «فارغ» بيده القرار القيام به، وبجانب هذا فإن استبدال الأشخاص يهدف دائماً إلى إسكات الناس وإنهاء الجدال حول مشكلة ما، لكنه لم يكن قط حلاً لهذه المشكلة، وهكذا يبقى الفشل رفيقاً دائماً لكل المجالات والمؤسسات العربية، لأن القضية دائماً قضية ذات لا قضية موضوع، وقضية فكر الفقر وفقر الفكر معاً، والحوار بين عربي وآخر لا طائل منه لأنه حوار المتحيزين إلى فئة والمتحرفين إلى قتال، حوار الذوات والأشخاص لا حوار القضايا والأفكار، وهكذا تحول الحوار بين العربي والآخر إلى خوار!