السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الكولونيالية الجديدة

يتوقع المختصون اليوم ظهور نظام دولي متعدد الأقطاب سيسود العالم، بدأت ملامحه تتضح بتنافس دول مثل أمريكا والصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي واليابان والهند وغيرها. بمعنى أنّ هؤلاء هم من سيتقاسم إدارة العالم وصناعة القرارالسياسي فيه، وهذا المشهد يفضّله عدد من المراقيبن والمهتمين بالشأن الدولي والأوضاع العالمية على اعتبار أنّ انفراد قطب أو قطبين فقط بتسيير اللعبة الدولية ستكون آثاره أكثر فضاعة على العالم.

لكن في واقع الأمر ربما يكون هذا الكلام غير دقيق، فعالم متعدد الأقطاب يعني مزيدا من التنافس والصراع وتقاسم الحصص والنفوذ، خاصة بعد أن يجد هؤلاء الكبار صيغ التفاهم الأولية المطلوبة لذلك بينهم، وهذا ربما يذكّرنا بمرحلة الاستعمارالأوروبي بأقطابه المختلفة كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وغيرهم والتي سادت في العقود السابقة حيث ما زال العالم لليوم يدفع أثمانا باهظة لتلك الحقبة الإمبريالية العدوانية.

وللتوضيح أكثر علينا أن نتابع ما يجري في سوريا اليوم، وكيف سيعمل نظام متعدد الأقطاب هناك، فبعد أن أمّنت بعض هذه الدول تواجدا عسكريا لها من قوات وقواعد وغيره، قامت بالسيطرة على موارده واقتصاده، فاستولت أمريكا على النفط، بينما استحوذت روسيا على الغاز والموانئ وغيرها، وتحاول الصين الوصول إليها وإلى منافذها عبر ما يعرف بمشروع «الحزام والطريق»، وكمقدمة لتأمين حصة كبيرة لها في كعكة الإعمار، وستظهر بأي لحظة حصص لدول الاتحاد الأوروبي من عملية التكالب هذه، عداك عن الكيان الإسرائيلي والذي ضم الجولان بشكل فعلي وهكذا.


وبطبيعة الحال سيقوم كل هؤلاء بالتدخل في إدارة الشأن الداخلي فيها وبرسم مستقبلها بشكل ينتهك كل مجالاتها ويصادرجميع مواردها ويرهنها لعقود وربما أكثر.


ومن يتابع اليوم الزحف الدولي باتجاه أفريقيا يوقن تماما أنّنا نعيش مرحلة استعمار دولي جديد أكثر خبرة ودهاء، وأنّ العالم ربما بانتظار مشهد يتسم بصيغ هيمنة وسيطرة ونهب واحتلال كثيرة.

يبقى تساؤل مبني على ما تقدم، هل سيعقب فترة «متعدد الأقطاب» مستقبلا حروب وتقاتل بين الكبار قياسا على مرحلة الكولونيالية الأوروبية السابقة والتي انتجت حربين عالميتتن مدمرتين؟، الجواب ربما، لكنّ الأهم هو أنّنا سواء اتفقوا أو اختلفوا أو تحاربوا سنكون دوما الخاسرين وسندفع ثمن ذلك.