الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

قمع الإعلام.. ومصير المحتجين

برغم محاولة البعض بيع الوهم عبر إيقاف قنوات فضائية عن العمل والتشويش بأجندات إعلامية لتزييف الواقع، فإن أصوات الناس في العراق ولبنان وصلت إلى العالم أجمع، فكما يقول غاندي: «لا يصبح الخطأ على وجه حق بسبب تضاعف الانتشار، ولا تصبح الحقيقة خطأ لأن لا أحد يراها».

العالم لم يعُد بحاجة إلى قنوات فضائية ومراسلي حروب، ليعرف ما يجري في أي بلد من بلدان المعمورة، ومع ذلك تقرر السلطات العراقية إيقاف عمل قنوات محلية وعربية، فيما تحاول مؤسسات إعلامية لبنانية القفز على الحقائق والعمل ضمن أجندات حزبية معروفة، فتشهد موجة استقالات تعبيراً عن الرفض لهذا الأسلوب الذي عفا عليه الزمن.

ما يجري من تعامل مع الإعلام في هذه الدول يشير إلى أن المسؤولين هناك ما زالوا يعيشون عقلية إعلام «الاتجاه الواحد»، متناسين أن العالم اليوم قرية صغيرة، ما يحدث في شمالها يصل إلى جنوبها في ثوان معدودة، وأن إيقاف قناة أو منع مراسل لن يغير من الواقع شيئاً، فالعالم أجمع يعي ويدرك أن شوارع بغداد وبيروت وطهران تغص بالمحتجين المطالبين بالحد الأدنى من العيش الكريم.


قرارات عزل المحتجين ومنعهم من إيصال أصواتهم إلى العالم قرارات لا تبشر بخير، ويبدو أن المنهج الإيراني المتمثل في قطع الإنترنت وقمع المحتجين، قد يُطلب من أتباع طهران في العراق ولبنان تطبيقه ضد المحتجين في البلدين، فمن يؤمن بهذا المنهج لا يهتم للدماء التي تسيل في الشوارع بقدر اهتمامه بوصول صورة أو مقطع فيديو إلى العالم يعري نظامه ويظهر سوءاته.


وبرغم ذلك، فإن رهان البعض على أن التعتيم الإعلامي كفيل بتغيير الأمور وعودتها إلى سابق عهدها، رهان خاسر وغير منطقي، فالإعلام ليس هو الذي أخرج الناس من بيوتها، بل الجوع والفقر وغياب العدالة الاجتماعية مجتمعة هي التي أخرجتهم وجعلتهم يستمرون لأسابيع وأشهر، يبيتون في العراء، يواجهون القمع بأيديهم العارية، لأن من لا يمتلك شيئاً، لا يخشى على شيء.

باختصار، على المسؤولين في تلك البلدان بدل إضاعة الوقت بإنكار ما يحدث من احتجاجات شعبية ومحاولة التعتيم عليها، استغلال الوقت للتفكير بإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها سياسات مأساوية أفقرت الناس، وحولتهم إلى ما يشبه قنبلة موقوتة.