الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

اليمن.. سلامٌ يلوح في الأفق

تشير التطورات المتسارعة في المنطقة العربية والحراك السياسي والدبلوماسي المتزايد حول الملف اليمني إلى أن فرص إحلال السلام وطي صفحة الحرب ليست شيئاً مستحيلاً، وهو الأمر الذي أكدت عليه تصريحات مسؤولين خليجيين على صلة بهذا الملف.

يدرك الحوثيون أو ربما جزء من قياداتهم لا يزال يتحلى بنوع من العقلانية السياسية بعيداً عن انحيازات التعصب الأيديولوجي أن الرهان على إيران لم يعد رهاناً صالحاً للمستقبل، بعد أن انتقلت عدوى الاحتجاجات الشعبية من بيروت إلى طهران مروراً ببغداد، فيما كان النظام الإيراني يعتبره هِلالاً للهيمنة على مقدرات الشعوب العربية المختطفة من قبل أذرع طهران المسلحة وميليشياتها المدججة بالحقد.

السلام في اليمن بات أمراً ممكناً إذا تخلى الحوثيون عن ارتباطهم بالمشروع الإيراني الذي لا يمتلك أي مقومات حقيقية للبقاء في ظل حالة من الرفض الثقافي والاجتماعي لهذا المشروع الدخيل على المجتمع العربي.


وكما بات السلام مصلحة للحوثيين للبقاء مكوناً يمنياً متصالحاً مع محيطه العربي راضخاً لرأي الأغلبية وإرادتها، فالسلام كذلك مصلحة لدول المنطقة التي تواجه تحديات جمة وتطمح للتفرغ لتنفيذ برامجها الاقتصادية ولكن في ظل يمن غير مرتهن لإيران.


شواهد كثيرة تؤكد أن هناك جهوداً دولية وأممية تبذل وحراكاً دبلوماسياً لا يتوقف في الرياض وأبوظبي ومسقط لإنجاز تسوية سياسية في اليمن تكون امتداداً لاتفاق الرياض، الذي خلق بيئة مناسبة يمكن البناء عليها لتحقيق مصالحة أوسع تضم جميع المكونات اليمنية.

وكما تبدو الآمال عريضة والأفق مفتوحاً أمام حل سياسي ينهي آلام الحرب وتداعياتها، لا يمكن تجاهل التحديات التي لا تزال تعترض طريق السلام في اليمن وفي مقدمة تلك التحديات، ارتهان بعض القوى ذات الخلفية العقائدية في اليمن لمشاريع خارجية ليس من ضمن أولوياتها إيقاف معاناة اليمنيين الذي فاقمت 5 سنوات من الحرب التي أشعلها الحوثيون من معاناتهم الإنسانية التي باتت المنظمات الدولية تضعها على رأس قائمة الأوضاع الأكثر سوءاً في العالم.

وإلى جانب التعصب الحزبي والأيديولوجي الذي يتحمل القسم الأكبر من مسؤولية الوضع المأساوي، الذي وصل إليه اليمن خلال العقود الأخيرة من تاريخه، تبرز قضية الفساد المالي والإداري المستشري في صفوف الطبقة السياسية في اليمن كعامل إضافي في مأساة اليمن المزمنة التي لن تنتهي بالتوصل لتسوية سلام فقط، بل بثورة حقيقية على كل مظاهر العجز التي حولت بلداً غنياً بالموارد إلى واحد من أفقر بلدان العالم وأكثرها تعاسة، بعد أن كان يوصف ذات يوم بالسعيد!