السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

في العراق.. الاستقالة لا تكفي

في العراق لا تعني استقالة رئيس الحكومة أمراً حاسماً وكفيلاً بتهدئة الشعب، الذي ينتفض من أجل حقوق مشروعة في الحياة الكريمة التي تلامس الشروط الإنسانية الأولية، بالرغم من أن الثروات النفطية وحدها تضمن للمواطن عيشاً مرفهاً.

الانتفاضة في العراق تقوم منذ أكثر من شهرين على أساس رفض وجود الأحزاب الحاكمة، التي تعامل في نظر المنتفضين معاملة التدخل الإيراني نفسه.

لقد عادت كلمة «إيراني» بعد 30 سنة من انتهاء الحرب العراقية الإيرانية (1980 ـ 1988) إلى مفردة، لو أُطلقت على شخص في أي شارع في بغداد أو جنوب البلاد، لكانت كفيلة بتعرض حياته للخطر، ونبذه أو طرده في أحسن الأحوال، بالرغم من أن الجيل المنتفض لم يرَ شيئاً من حرب الـ8 سنوات.


النقمة الشعبية الأكبر منصبَّة على البرلمان، الذي تتقاسمه أحزاب السلطة، التي وصلت إليه عبر انتخابات كانت المشاركة فيها منخفضة بشكل كبير، فضلاً عن شبهات التزوير والمحاصصة الظاهرة في توزيع الإقطاعيات السياسية بما يتلاءم مع واقع سياسي تولد في العراق بعد مجيء الاحتلال الامريكي عام 2003.


الآن، هذا البرلمان الواقع في مرمى نقمة الشعب يقوم بإجراءات تخص استقالة حكومة والإتيان بحكومة جديدة.. هذه السياقات المعادة والمستنسخة مع تغيير أغلفتها، لن تستطيع تهدئة الشارع العراقي المنتفض ضد الفساد الكبير والمتجذر، وضد السيادة المنقوصة الخاضعة للتدخل الخارجي.

في ضوء هذه التطورات لا يمكن إقناع الشارع بالتهدئة وهو الذي قدم الدماء الغزيرة التي ربما ما كانت لتنزف في أعتى المعارك الحربية، إذ تقول الإحصاءات المتطابقة من مصادر الطب العدلي والشرطة والنواب والعشائر: إن العدد تجاوز 800 قتيل و17 ألف جريح.

النقطة الفاصلة التي يبحث عنها العراقيون، والتي قد تكون علامة في طريق التهدئة، هي حل الميليشيات والحشد الشعبي، وقيام جيش واحد وجهاز أمني واحد ومحاكمة جميع مطلقي الرصاص الحي على المتظاهرين، وقيام محكمة الجرائم التي تختص بالأموال المنهوبة، وعدم استثناء أي سياسي من المساءلة، وتعديل الدستور العراقي بما يفصل فصلاً قاطعاً بين الحياة المدنية للدولة العراقية والمرجعيات الدينية.

مطالب المنتفضين الأساسية، من المستحيل أن تستجيب لها الطبقة السياسية المنتفعة من بحر الفساد الهائج والمتسترة بالإسلام السياسي، الذي فقد آخر أقنعته في النجف وكربلاء قبل بغداد والموصل والبصرة، لذلك فإن العلامات الأولية تدل على أن الشارع سيزداد غضبه، لا سيما عند تشكيل الحكومة الجديدة بيد البرلمان ذاته.