الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

هل انتهى نتنياهو سياسياً؟

تعتبر مظاهرة يوم الثلاثاء 26 نوفمبر الماضي في متنزه متحف الفنون بتل أبيب، عبارة عن طلقة تحذير دفاعاً عن الوزير الأول بعد اتهامه قبلها بخمسة أيام بتلقي رشى وتهريب الأموال.

لقد عمد حزب الليكود، الذي يقدّر مناضلوه بـ 130 ألف منخرط، إلى استئجار كل حافلات إسرائيل لاستعراض قوته العددية، وتمرير رسالة سياسية مفادها: أن هذا الحزب وحده من له شرعية محاكمة نتنياهو وتقرير مصيره السياسي، لكن حصيلة الحضور من المنتمين إليه، تراوحت ما بين 3 آلاف و5 آلاف متظاهر فقط، وأغلبهم من الدرجة الثانية من حيث التأثير داخل الحزب، لذلك لم يستطيعوا أن يقنعوا الشارع بتظاهرهم، ولم يشكلوا أيّ تهديد للمدّ المعارض من الأُطر، ضد رئيس حزبهم.

خلفيّة تجمع الأقليات في تلك التظاهرة تكمن في خوفها من سقوط اليمين الذي حكم إسرائيل منذ 2009، بفضل نتنياهو، وهذا ما عبّرت عنه شعاراتها المتكرّرة التي أكدت أن الأمر لا يتعلق بنتنياهو، وإنما بدعم اليمين وبحماية الدولة اليهودية، غير أن هذه الشعارات التي كانت موجّهة من طرف نتنياهو نفسه، لم تكن لها أية مصداقية في ظل غياب القيادات البارزة والمنتخبين الكبار والبارونات المؤثرة في القرار السياسي داخل الحزب.


كل ذاك يعني أنّ حزب الليكود، اليوم، منقسم على نفسه بين ثقافتين.. ثقافة منتهية ولايتها يمثّلها نتنياهو، وأخرى منتصرة لرؤية سياسية جديدة يريد أصحابها تطوير العرض السياسي لليمين من داخل الليكود، رافعين شعار الاجتهاد في طرح أفكار موضوعية حاملة للبدائل المفترضة أمام الأزمات المركبة التي باتت تعرفها إسرائيل، خاصة مع العجز عن إفراز حكومة متوافق حولها سياسياً إلى حدّ اليوم.


تحت تأثير ضغوط داخلية، وافق بنيامين نتنياهو على إجراء انتخابات جديدة، هي الأولى من نوعها في الليكود منذ 2016، وسيتحدّد تاريخها يوم 5 يناير المقبل، ولم يعد لنتنياهو متّسع ليناور أكثر، خاصة بعد ما قال المدعي العام الإسرائيلي أفيحاي مندلبليت في الثاني من ديسمبر الجاري: إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمامه مهلة 30 يوماً، أي حتى الأول من يناير 2020 لمطالبة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بمنحه حصانة من التهم الجنائية».. كما أن نتنياهو لم يعد قادراً على التأثير في ممثلي نقابات حزبه وعُمد المدن ومنظّريه ومثّقفيه، وحتى مجلس عمداء مستوطنات قطاع غزّة الذي كان يدعمه انقلب عليه وقاطع مظاهرة 26 نوفمبر الماضي

وبالرغم من أن نتنياهو قد حاول استقطاب غريمه الأشد ضراوة «جدعون ساعر»، فإن هذا الأخير ظل متشبثاً بكون نتنياهو لن يستطيع تشكيل الحكومة ولو تكررت الانتخابات عدّة مرات، مما يعني حسب زعمه أن الحكم في نهاية المطاف سينتقل قانوناً إلى الخصم السياسي المنافس.

وعليه، تشير كل المِؤشرات السياسية والتنظيمية الحزبية إلى أن حياة نتنياهو السياسية قد انتهت تعبيراً عن نهاية جيل قديم من القادة السياسيين في المنطقة.