الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

إيران.. وقلق الصحوة الوطنية

تعكس تغطيات الإعلام الإيراني للاحتجاجات التي تشهدها العراق ولبنان حالة التخوف والخشية التي يعيشها نظام طهران، جراء انصهار هذه الاحتجاجات في بوتقة الدولة الوطنية بعيداً عن الطائفية والحزبية، إذ لطالما لعبت إيران على هذا الوتر لزيادة نفوذها وتغلغلها في مجتمعات دول المنطقة وعلى رأسها بغداد وبيروت.

الصحافة الإيرانية التي لا تنطق إلا بإذن مسؤولي الحرس الثوري لم تر في محتجي العراق سوى مجموعة من مثيري الشغب المدعومين خارجياً، والحال ذاته بالنسبة لما يجري في بيروت، فهي محاولة لإضعاف محور المقاومة ضد العدو الصهيوني، حيث تعمل الماكينة الإعلامية الإيرانية على سرد واحد قائم على أن الاحتجاجات عبارة عن فوضى ممولة من الخارج وخاصة من دول إقليمية.

السرد الذي تتبناه الصحافة الإيرانية يدلل على التخوف الرسمي في طهران من هذه الاحتجاجات باعتبارها حجر الأساس للعودة للدولة الوطنية الواحدة التي تنصهر فيها كافة الطوائف والمذاهب والأحزاب، بحيث يكون الولاء للوطن فقط، وهذا ما يشكل بداية نهاية النفوذ الإيراني في المنطقة، إذ أن هذا النفوذ ما كان ليصل إلى هذا المستوى من القوة والتغلغل لولا اللعب على وتر الطائفية وحماية أبناء مذهب معين دون أي احترام للسيادة الوطنية للدول الأخرى.


إيران وضعت كل ثقلها لمنع سقوط حكومة بغداد، وذلك ليس حباً في الحكومة القائمة بل كرهاً بالشعارات الوطنية التي رفعها المحتجين، والتي تطالب بحكومات وطنية قائمة على الكفاءة والقدرة على تحسين الوضع المعيشي، بعيداً عن المحاصصة الطائفية والولاءات المذهبية، وهذا إن تم فهو بالضرورة يعني قصقصة أذناب طهران، وتقليص قدرتهم على توجيه السياسات الداخلية بما يخدم السياسية الإيرانية العليا.


التقارير التي ينشرها الإعلام الإيراني تعكس حالة التوجس السائدة في إيران الرسمية مما يحدث في بغداد وبيروت، فلو تمكنت هذه العواصم من الخروج من عباءة الطائفية فهي بذات الوقت ستخرج من دائرة النفوذ الإيراني، لذا فمن الطبيعي إن نرى هذه الهجمة الشرسة على المحتجين خاصة في العراق، فما يحدث ليس مجرد احتجاجات بل ثورة ضد نفوذ وتغلغل إيران في المنطقة.

باختصار إيران وحرسها الثوري لن يسمح للاحتجاجات اللبنانية والعراقية أن تصل إلى أهدافها بتشكيل حكومات وطنية حتى ولو أحرقت الأخضر واليابس، لذا لا تتركوا بيروت وبغداد فإن لم نقف معهما الآن فلن يكونا معنا أبداً.