الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تغير مناخي في عالم غير مسؤول

لا يمكن للدورة الـ25 للمؤتمر السنوي للأمم المتحدة حول ظاهرة التغير المناخي المنعقدة في مدريد من 3 حتى 13 ديسمبر الجاري، أن تحجب الحقيقة التي تفيد بأن احتمال بلوغ الأهداف المسطّرة للحد منها قبل نهاية القرن الجاري، يبدو أضعف بكثير مما كان متوقعاً.

والعديد من الدول التي ألزمت نفسها بهذه الأهداف خلال الدورة الـ21 للمؤتمر التي انعقدت في باريس، أثبتت أنها تضع أولوياتها الوطنية على المدى القريب فوق الاعتبارات الجماعية المتعلقة بمستقبل الجنس البشري على المدى البعيد.

ومهما بلغ مستوى إنكار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للظاهرة، فإن كوكبنا يزداد احتراراً على نحو متسارع، وإن مستوى سطح البحار يرتفع، والنتائج الكارثية للتغير المناخي تتضاعف، وهذا السيناريو الغامض يهدد استدامة الحياة ذاتها على كوكب الأرض، بسبب التكاليف الباهظة التي يفرضها والمترافقة مع ارتفاع عدد سكان المناطق الزراعية، في كل من الدول المتقدمة والسائرة في طريق النمو.


إلا أن العديد من قادة العالم، سياسيين كانوا أم رجال أعمال بارزين، لا يبدو أن الأمر يهمهم على الإطلاق، وتسهم التكنولوجيات الجديدة ذاتها بشكل كبير في التغير المناخي والتلوث الجوي، وحتى التكنولوجيات التي تتولى تطويرها وتنتجها شركات التكنولوجيا الرائدة الخمس: غوغل وأبل وفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت أو ما يعرف بمجموعة GAFAM، أصبحت سبباً في قلق دعاة مواجهة التغير المناخي بدعوى أن تبريد أجهزة الكمبيوتر التابعة لشركة غوغل على سبيل المثال يسهم في تسخين الجو.


ومن المعروف أيضاً أن القوى العظمى تقود سباقاً محموماً لقيادة العالم من خلال اكتشاف مجالات جديدة للتطور أو البحث عن مصادر جديدة للثروات المعدنية والزراعية، أو من خلال تطوير تكنولوجيات بالغة التعقيد، في وقت يزداد فيه عدد سكان العالم وفق وتيرة لا سابق لها.

ويسهم هذا الهيجان التنافسي كله في تراجع المصادر الطبيعية وإنهاك الأسواق وإهمال القواعد الصحيحة للتعامل مع الطبيعة لصالح تحقيق المصالح التجارية، وها نحن نرى الازدحام السكاني الذي تشهده أفريقيا الآن، أي بعد زهاء قرن ونصف من انعقاد مؤتمر برلين لعام 1884 الذي تقاسمت فيه القوى الاستعمارية الأوروبية أراضي القارة كلها فيما بينها.

ومما يدعو إلى الاطمئنان أن نرى بلداناً واعية ومتوسطة الحجم وذات طموحات عظيمة، وهي ترفع شعار التعاون بديلاً من التنافس، وأفضل مثال عليها هي دولة الإمارات العربية المتحدة التي تهتم الآن بالتعاون مع دول القرن الأفريقي، ومن أجل ذلك، سعت للتأسيس لعلاقات شراكة مع عدة دول منتشرة على شواطىء خليج عدن وقدمت الدعم المالي اللازم لتحقيق المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا، فضلاً عن المساعدات التي قدمتها للشعب السوداني، وهو ما يؤكد على النظر بعيد المدى للدولة الإماراتية الذي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار، كذلك الدعم‏ الإماراتي للسودانيين قد يساعدهم على فتح صفحة جديدة من تاريخهم، وهي صفحة من السلام والتطور والتقدم.